كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 12)

وفيه من المؤكدات واو القسم، ولام التأكيد، و"قد" التي وَضْعُهَا للتحقيق في مثل هذا الموضع، كما في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)} [الشمس: 9]. أكدت به عائشة رضي الله عنها ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وهو أشده عليّ".
(ينزل عليه) الفاعل ضمير الوحي، وقد صرح به في رواية البخاري، ولفظه: "ولقد رأيته ينزل عليه الوحي". ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول، والجار والمجرور نائب فاعله. والجملة في محل نصب على الحال من المفعول به، أي والله لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حال كونه نازلًا عليه الوحي (في اليوم الشديد البرد) من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها، وهي صفة جرت على غير صاحبها، لأنها صفة للبرد، لا لليوم.
وفيه دلالة على معاناته - صلى الله عليه وسلم - التعبَ والكربَ عند نزول الوحي، لما فيه من مخالفة العادة، وهو كثرة العرق في شدة البرد، فإنه يشعر بوجود أمر طارئ زائد على الطباع البشريه. قاله مي الفتح (¬1).
(فيفصم عنه) أي ينفرج، ويذهب عنه. وتقدم ضبطه ومعناه في الحديث الماضي، (وإِن جبينه) بفتح الجيم، وكسر الباء. قال ابن منظور: الجَبِين: فوق الصُّدْغ، وهما جبينان عن: يمين الجبهة، وشمالها،
¬__________
(¬1) فتح جـ 1 ص 32.

الصفحة 114