كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 13)

وإنما هو: تشقى الضياطرة بالرماح
وأخبرنا ابن الأعرابي، ثنا عباس الدوري، ثنا يحيى بن معين، ثنا أبو قَطَن، عن شعبة، قال: نهاني أيوب أن أحدث: "زينوا القرآن بأصواتكم". قلت: ورواه معمر، عن منصور، عن طلحة، فقدم الأصوات على القرآن، وهو الصحيح. أخبرناه محمَّد بن هاشم، حدثنا الدبري، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن منصور، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "زينوا أصواتكم بالقرآن". والمعنى اشْغَلُوا أصواتكم بالقرآن، والْهَجُوا بقراءته، واتخذه شِعارا لكم، وزينة. انتهى كلام الخطابي. (¬1)
[قال الجامع عفا الله عنه]: الأرجح عندي إبقاء حديث الباب على ظاهره، كما فسره الأولون، كما هو صريح حديث البراء، وحديث ابن مسعود المذكوران آنفا، فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حُسْنا"، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن حسن الصوت تزيين للقرآن". صريحان في هذا المعنى.
وقد مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - الصوت الحسن، والتغني به في قراءة القرآن، كما يأتي في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن" ... وحديثه: "لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود -عليه السلام -". وكذلك في حديث عائشة - رضي الله عنها -، وغير ذلك، فهذه الخصوص ظاهرة واضحة الدلالة على أن المراد هو ظاهر معنى الحديث، ولا داعي لإخراجه عن ظاهر معناه بلا حجة نَيَّرَةِ.
وأما ما صححه الخطابي من أن الصواب في متن الحديث: "زينوا أصواتكم بالقرآن"، ثم أخرجه بسنده كذلك، فليس كما قال، فإن الحفاظ: الأعمش، وشعبة، ومحمد بن طلحة عند أحمدج 4 ص 285، ومنصورا -فيما رواه عنه الثوري عند أحمد أيضا جـ 4 ص 296 - أربعتهم عن طلحة اتفقوا على أنه: "زينوا القرآن بأصواتكم". فرواية الخطابي شاذة لا تصح. فتبصر بإنصاف،، ولا تتحير بالاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث البراء - رضي الله عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له.
¬__________
(¬1) "معالم السنن" ج 2 ص 137 - 138.

الصفحة 13