كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 13)

لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات، ومن رجال الجماعة، سوى شيخه، فانفرد هو به، وأبو داود (ومنها): أن النصف الأول منهم مصريون، والنصف الثاني مدنيون (ومنها): أنه مسلسل بالإخبار في أربعة مواضع، والعنعنة في موضع، والتحديث في موضع (ومنها) أن فيه رواية تابعي، عن تابعي، وأن فيه أبا سلمة أحد الفقهاء السبعة، وأبا هريرة - رضي الله عنه - أحد المكثرين السبعة. والله تعالى أعلم.
شرح الحديث
(أن أبي هريرة) رضي الله عنه (حدثه) أي أبا سلمة (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع) بفتح همزة "أن" في المواضع كلها؛ لأنها سدت فيه مسد المفعول الثاني، والثالث لـ"أخبر"، لأنها تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، والأول هو الضمير المنصوب، قال ابن مالك -رحمه الله- في "خلاصته":
وَكَأَرَى السَّابِقِ نَبَّا أَخْبَرَا ... حَدَّثَ أَنْبَأَ كَذَاكَ خَبَّرَا
(قراءة أبي موسى) عبد الله بن قيس بن سُلَيم بن حَضَّار الأشعري، الصحابي الشهير، أمره عمر، ثم عثمان، وهو أحد الحَكَمَين بصفين، مات - رضي الله عنه - سنة (50) وقيل: بعدها، تقدمت ترجمته في 3/ 3.
(فقال: لقد أوتي) اللام هي الموَطِّئة للقسم، والجملة جواب القسم المقدر، والضمير المرفوع النائب عن الفاعل يعود إلى أبي موسى - رضي الله عنه -. وفي رواية عائشة التالية: "لقد أوتي هذا"، فاسم الإشارة هو النائب عن الفاعل، والمفعول الثاني قوله (مزمارا) أي والله لقد أُعطي أبو موسى مزمارا، أي صوتا حسنا شبيها بالمزمار.
و"المزمار" -بالكسر: آلة الزَّمْرِ، أي التغني. يقال: زَمَر يزمُرُ، من باب قتل، ويزمِر، من باب ضرب، زَمْرًا، وزَمِيرًا، وزَمَّرَ تَزْمِيرًا: إذا غنى في القَصبِ. أفاده في "ق".
والمراد أنه أعطي صوتا حسنًا في قراءة القرآن من أنواع الأصوات والنغمات الحسنة التي كانت لدود - عليه السلام - في قراءة الزبور.
قال في "النهاية": شَبَّهَ حسن صوته، وحلاوة نَغَمه بصوت المزمار. و"داود" هو النبي المشهور - عليه السلام - وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة، و"الآل" في قوله: "آل داود" مقحمة. قيل: معناه ها هنا الشخص. انتهى. (¬1)
وقال الخطاب -رحمه الله-: قوله: "آل داود" يريد نفسه؛ لأنه لم ينقل أن أحدا من أولاد
¬__________
(¬1) "نهاية ابن الأثير" جـ 2 ص 312.

الصفحة 26