كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 13)

(فلما انصرف) أي سلم عبد الله بن الحارث من صلاته (أقبل إلى ابن عباس) - رضي الله عنهما -، مستفسرا سبب نقض عقصه (فقال: مالك، ورأسي؟) "ما" استفهامية مبتدأ، والجار والمجرور خبرها، وقوله: "ورأسي" الواو فيه واو المعية، و"رأسي" منصوب على أنه مفعول معه.
أي أْيُّ شيء ثبت لك مع رأسي، حتى تحلّ عقصه؟. والله تعالى أعلم.
(قال) أي ابن عباس مبينا دليله على ما صنع (إني) وفي نسخة بحذف "إني" (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنما مثل هذا) أي صفة من يصلي معقوصا. فـ"مثل" مبتدأ، خبره "مثل" الآتي.
وفي رواية أحمد المتقدمة: "مثل الذي يصلي، ورأسه معقود من ورائه". . .
(مثل الذي يصلي، وهو مكتوف) أي مربوطة يداه بحبل ونحوه، ومشدودة إلى خلفه. وهو اسم مفعول، من كتَفْتُهُ كَتْفًا، من باب ضرب، وَكِتَافًا بالكسر: إذا شَدَدْتَ يديه إلى خلف كتِفَيه، مُوثَقًا بحبل ونحوه، وكَتَّفْتُهُ بالتشديد مبالغةٌ. أفاده في "المصباح".
قال ابن الأثير رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث: ما نصّه: أراد أنه إذا كان شعره منشورًا سقط على الأرض عند السجود، فيعطى صاحبه ثوَابَ السجود به، وإذا كان معقوصًا صار في معنى ما لم يسجد، وشَبَّهَه بالمكتوف، وهو المشدود اليدين، لأنهما لا يقعان على الأرض في السجود. انتهى (¬1).
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -147/ 1114 - وفي "الكبرى" -55/ 701 - عن عمرو بن سوّاد، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن كريب، عنه. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فيمن أخرجه معه:
أخرجه (م) في "الصلاة" عن عمرو بن سوّاد به. (د) فيه عن محمَّد بن سلمة، عن ابن وهب به.
¬__________
(¬1) "النهاية" ج 3 ص 275 - 276.

الصفحة 347