كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 13)

وفي الحديث استحباب هذا الدعاء في السجود، وبيان ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من كثرة الاستغفار، مع أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ليكون عبدا شكورا، ولتقتدي به أمته، وفيه ما جُبلَت عليه النساءُ من الغَيْرَة على أزواجهن، ولا يؤاخذن بمثل ذلك، إلا إذا وقع منهن ظلم الضرائر بسببه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث عائشة رضي الله تعالى عنها هذا صحيح، وهو من أفراد المصنف رحمه الله تعالى، لم يخرجه من أصحاب الأصول غيره، أخرجه هنا -156/ 1124 - وفي "الكبري" 63/ 710 - بالسند المذكور. و -1125 - و"الكبرى" 711 - بالسند الآتي، إن شاء الله تعالى.
وأخرجه (أحمد) 6/ 147. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
1125 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يِسَافٍ، عَنْ عَائِشَةَ، - رضي الله عنها -، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ أَتَى بَعْضَ جَوَارِيهِ، فَطَلَبْتُهُ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ، يَقُولُ: "رَبِّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ").
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تقدم الكلام على هذا الحديث سندا ومتنا في الحديث الذي قبله. والذين لم يُذْكَرُوا فيه من رجال الإسناد ثلاثة:
1 - (محمَّد بن المثنى) أبو موسى العَنَزِي البصري، ثقة حافظ [10] تقدم 64/ 80.
2 - (محمَّد) بن جعفر المعروف بغندر، أبو عبد الله البصري، ثقة صحيح الكتاب [9] تقدم 21/ 22.
3 - (شعبة) بن الحجاج البصري الإمام الحجة الثبت [7] تقدم 24/ 26.
وقوله: "رب" منادى حذف منه حرف النداء، أي يارب، قال الحريري رحمه الله تعالى في "مُلحَته":
وَحَذْفُ يَا يَجُوزُ فِي النَّدَاء ... كَقَوْلِهم رَب اسْتَجِبْ دُعَاءِ
فأصل "رب" ياربي مضافًا إلى ياء المتكلم، ثم يجوز فيه ست لغات، ذكر ابن مالك منها الخمسة بقوله:
وَاجْعَلْ مُنَادًى صَح إِنْ يُضَفْ لِيَا ... كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا
والسادس ضمه تشبيها له بالمفرد، وهو قليل الاستعمال. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

الصفحة 372