كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 14)

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: والظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في حال الصلاة مشغول البال بأمر أوجب له ذلك الغضب، وهو الذي حمله على أن صلى ركعتين، وسلم، ولم يشعر بذلك. انتهى (¬1).
(وخرجت السَّرَعَانُ) هم أوائل الناس خروجا من المسجد، وهم أصحاب الحاجات غالبا.
وقال ابن الأثير: هم أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويُقبلون عليه بسرعة.
وقال الحافظ ابن رجب: وسرعان الناس: هم الذين أسرعوا الخروج من المسجد، فظنوا أن الصلاة قصرت، فتحدثوا بذلك، وهذا يدلّ على أنه لم يخف ذلك على عامّة من كان في المسجد أو كلّهم. انتهى (¬2).
قال القاضي عياض: رويناه بفتح السين والراء عن مُتقني شيوخنا، وهو قول الكسائي، وغيرُهُ يسكن الراء.
وقال الخطابي: ويقال لهم: سرعان -بكسر السين، وسكون الراء- وهو جمع سريع، كقولهم: رَعيل ورعلان (¬3).
وقال عياض: ورويناه في البخاري من طريق الأصيلي بضم السين، وإسكان الراء، وكذا وجدته بخطه في أصله. ووجهه أنه جمع سريع، كقفيز وقُفْزان، وكَثيب وكُثبان.
قال الحافظ العلائي: الذي قاله جمهور أهل اللغة هو القول الأول، بفتح السين والراء معًا. لكن فرق أبو العباس المبرّد، فقال: إذا كان السَّرَعان من الناس قيل: بفتح الراء وسكونها، وإن كان من غيرهم فالفتح أفصح، ويجوز الإسكان (¬4).
(فقالوا: أقصرت الصلاة؟) بهمزة الاستفهام، وفي نسخة "قصرت الصلاة؟ " بدون الهمزة، فتكون مقدّرة.
وفيه دليل على ورعهم، إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم، وهابوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسألوه، وإنما استفهموا، لأن الزمان زمان النسخ.
و"قصرت" -بضم القاف، وكسر المهملة- على البناء للمفعول، أي إن الله قَصَرَها،
¬__________
(¬1) انظر "فتح الباري في شرح البخاري" للحافظ ابن رجب جـ 9 ص 442.
(¬2) "شرح البخاري" جـ 9 ص 442 - 443.
(¬3) هكذا قال الخطابي في "معالم السنن" جـ 1 ص 334 لكن قال في "غريب الحديث" جـ 3 ص 226 - 227 يرويه العامة سرعان الناس -مكسورة السين، ساكنة الراء- وهو غلط، والصواب سرعان الناس -بنصب السين، وفتح الراء- هكذا يقول الكسائي، وقال غيره: سرعان -ساكنة الراء- والأول أجود. انتهى.
(¬4) راجع "نظم الفرائد" ص 127 - 128.

الصفحة 301