(الأمر الثاني): صحّة ثبوتها في الجانبين من حديث غير وائل رضي الله تعالى عنه، فقد ثبتت في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعاً وموقوفاً، وفي حديث عمار -رضي الله عنه- موقوفًا، كما أشرت إليه سابقًا (¬1).
فأما حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فأخرجه ابن ماجه، وابنا خزيمة، وحبّان في "صحيحيهما"، وأبو العبّاس السّرّاج (¬2) في "مسنده"، وابن حزم في "الْمُحَلَّى"، وأخرجه عبد الرزّاق في "مصنفه" موقوفاً عليه.
فأما رواية ابن ماجه، فقد ثبتت في النسخة الصحيحة منه، كما عزاها إليه الحافظ رحمه الله تعالى فىِ "التلخيص الحبير" جـ 1 ص 271.
قال العلّامة الصنعانيّ رحمه الله تعالى في "سُبُل السلام" جـ 1 ص 379: ما نصه: قال المصنّف: إلّا أنه قال ابن رسلان في "شرح السنن": لم نجدها في ابن ماجه. قلت: راجعنا سنن ابن ماجه من نسخة صحيحة مقروءة، فوجدنا فيه ما لفظه:
"باب التسليم" حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدثنا عُمر بن عُبيد، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُسلّم عن يمينه، وعن شماله حتى يُرَى بياضُ خدّه "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" انتهى بلفظه.
وقال محقّق "شرح السنّة" للبغوي الشيخ شعيب الأرناؤوط: ما نصّه: وعند ابن ماجه في نسخة خطيّة في دار الكتب الظاهرية زيادة "وبركاته"، وقد سقطت بتحقيق فُؤاد عبد الباقي، وهي زيادة صحيحة، نصّ عليها في "التلخيص" انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وقد صرّح الحافظ أيضاً في "نتائج الأفكار" جـ 2 ص 223 بأنها ثابتة في ابن ماجه، وسيأتي نصّه قريباً، إن شاء الله تعالى.
ثم وجدت نسخة محققة أثبتت الزيادة المذكورة في "سنن ابن ماجه"، وهي النسخة الجديدة التي حققها الشيخ خليل مأمون شيحا مع شرح السندي، وتعليقات "مصباح الزجاجة" المطبوعة بتاريخ 1416 هـ - 1996 م. وهي نسخة محققة على نسخة خطيّة مقروءة، كُتب عليها سماعات الحفاظ، كالحافظ المنذري رحمه الله وغيره، كما بيّن ذلك المحقق المذكور في الكلام على وصف النسخة الخطيّة أول الكتاب جـ 1 ص 12 - 15.
¬__________
(¬1) فأما حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع فصحيح، وأما الموقوف ففيه كلام سيأتي، فالعمدة هو المرفوع. وأما حديث عمار -رضي الله عنه- فرجال إسناده ثقات.
(¬2) هو الحافظ الإمام الثقة شيخ خُرَاسان محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران النيسابوري صاحب "المسند" و"التاريخ" وُلد سنة 216 هـ، ومات في ربيع الآخر سنة 313 هـ عن بضع وتسعين سنة. اهـ "طبقات الحفاظ" باختصار ص 311.