كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 15)

وأخرجه ابن خزيمة أيضاً من رواية عمرو بن هاشم البيروتي، عن الأوزاعي بلفظ: "كان يقول قبل السلام".
قال ابن خزيمة رحمه الله: إن كان عمرو بن هاشم حفظه (¬1)، فمحلّ هذا الذكر قبل السلام.
قال الحافظ في "نتائج الأفكار": ورواية "إذا أراد أن ينصرف" موافقة لهذه، ويمكن ردّ رواية "إذا انصرف" إليها، لكن المعروف أن هذا الذكر بعد السلام، ويؤيّده حديث عائشة -رضي الله عنها- يعني الآتي في الباب التالي.
ثم أخرج حديث عائشة -رضي الله عنها- ثم قال: ويمكن الجمع بأنه كان يقول ذلك في الموضعين انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الجيع حسنٌ جدًّا.
لكن لا مانع من أن يفسّر الانصراف هنا بالانصراف إلى جهة الحاجة، لا بالانصراف الذي هو السلام، بدليل حديث عائشة -رضي الله عنها-، فيكون معنى "إذا أراد أن ينصرف" أي إذا أراد القيام إلى حاجته بعد السلام (¬2)، فيتفق مع حديث عائشة -رضي الله عنها-. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...

82 - (الذِّكْرُ بَعْدَ الاسْتِغْفَارِ)
1338 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صُدْرَانَ، عَنْ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ -رضى الله عنها-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا سَلَّمَ، قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ").
¬__________
(¬1) قال الجامع: الظاهر أنه لم يحفظه، فقد خالف هؤلاء الحفاظ، وقال عنه أبو حاتم كما في "التهذيب": ليس بذلك، كان صغيراً حين كتب عن الأوزاعي، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه. انظر "تهذيب التهذيب" 3/ 309. والحاصل أن روايته بلفظ "قبل السلام" شاذة لا تثبت. فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(¬2) لا يعارضُ هذا روايةَ عمرو بن هاشم بلفظ "كان يقول قبل السلام" لما عرفت أنها شاذة فتنبّه.

الصفحة 347