كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 16)

فليغتسل، ومن لم يأتها، فليس عليه غسل". ورجاله ثقات، لكن قال البزار: أخشى أن يكون عثمان بن واقد وهم فيه.
ومنها: زيادة في المتن، والإسناد أيضًا، أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن خُزيمة، وابن حبان، وغيرهم من طرق، عن مفضّل بن فَضَالة، عن عيّاش بن عباس القتبانيّ، عن بُكير بن عبد الله بن الأشجّ، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الجمعة واجبة على كلّ محتلم، وعلى من راح إلى الجمعة الغسل".
قال الطبراني في "الأوسط": لم يروه عن نافع بزيادة حفصة إلا بُكير، ولا عنه إلا عيّاش، تفرد به مفضل.
قال الحافظ: قلت: رواته ثقات، فإن كان محفوظًا، فهو حديث آخر، ولا مانع أن يسمعه ابن عمر، عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن غيره من الصحابة: فقد ثبت في "الصحيحين" من رواية ابن عمر، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولاسيما مع اختلاف المتون. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى ببعض تصرف (¬1). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في حكم الغسل يوم الجمعة:
قال الإِمام ابن المنذر رحمه الله تعالى: اختلف أهل العلم في وجوب الغسل يوم الجمعة، فقالت طائفة: غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم محتلم، كذلك قال أبو هريرة، وروينا عن عمر أنه قال في شيء: لأنا أعجز إذًا ممن لا يغتسل يوم الجمعة، وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: ثلاث حق على كل مسلم في يوم الجمعة: الغسل، والسواك، ويمس طيبًا، إن وجده. وتقاول (¬2) عمار بن ياسر رجلًا، فقال: أنا إذًا أشرّ من الذي لا يغتسل يوم الجمعة، وروينا عن ابن عباس أنه قال: ما شعرت أن أحدًا يرى أن له طهورًا يوم الجمعة غير الغسل، حتى قدمت هذا البلد -يعني البصرة-.
وكان الحسن يرى الغسل يوم الجمعة واجبًا، ويأمر به، وكان مالك يقول: من اغتسل يوم الجمعة في أول نهاره، وهو لا يريد به غسل الجمعة، فإن الغسل لا يجزي عنه حتى يغتسل لرواحه.
وقالت طائفة: الغسل سنة، وليس فرضًا، قال عبد الله بن مسعود: غسل يوم الجمعة سنة، وكان ابن عباس يأمر بالغسل، قال عطاء: من غير أن يأثم من تركه، وهو الراوي
¬__________
(¬1) "فتح" 3/ 918.
(¬2) نسخة "الأوسط" "تأول"، والصواب "تقاول".

الصفحة 110