كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 16)

وقوله: "ما يُعرفن من الغلس" ببناء الفعل للمفعول، و"من" تعليلية، أي لا يعرفهنّ أحد لأجل شدة الظلام. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلّا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...

102 - (بَابُ النَّهْيِ عَنْ مُبَادرَةِ الإِمَامِ بِالانْصِراف منَ الصَّلَاةِ)
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: إن أراد المصنف رحمه الله بالانصراف الانصرافَ من الصلاة بالسلام، فاستدلاله بحديث الباب واضح، وإن أراد الانصراف إلى الحاجة بعد السلام فالاستدلال به بعيد؛ لأن سياق الحديث ظاهر في كون المراد بالانصراف هو السلامَ؛ بدليل أنه ذَكَرَ الركوع, والسجود، والقيام، ولم يذكر السلام، فدلّ على أن المراد بالانصراف هو السلام.
وأيضاً قوله: "فإني أراكم من وراء ظهري" يدلّ على أن المبادرة التي نهاهم عنها هي الواقعة في الصلاة قبل توجهه إليهم.
فتبين بهذا أن الحق كون المراد بالانصراف هو الانصراف من الصلاة بالسلام، فتبصّر.
وقد قدمنا تحقيق ما قاله أهل العلم في حكم الانصراف بعد السلام قبل الإمام، وأن الراجح جواز الانصراف قبل الإمام، إلا إذا كان هناك نساء، فيتأخّر مع الإمام حتى ينقلبن إلى بيوتهنّ قبل الاختلاط بالرجال في باب "جلسة الإمام بين التسليم والانصراف" -77/ 1332 - بما فيه الكفاية، فراجعه هناك. والله تعالى أعلم بالصواب.
1363 - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: "إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلاَ تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلاَ بِالسُّجُودِ، وَلاَ بِالْقِيَامِ، وَلاَ بِالاِنْصِرَافِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِي، وَمِنْ خَلْفِي"، ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"، قُلْنَا: مَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ").
رجال هذا الإسناد: أربعة:
1 - (علي بن حُجْر) المروزي، ثقة حافظ، من صغار [9] تقدم 13/ 13.

الصفحة 25