كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 16)

الكوفي، ثقة فقيه جليل، كثير الإرسال والتدليس [3] 121/ 170.
5 - (طاوس) بن كيسان اليماني، ثقة ثبت حجة [3] 27/ 31.
6 - (ابن عباس) - رضي اللَّه تعالى عنهما - 27/ 31. واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث، يوضّح معناه الحديثُ الذي بعده.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا اختُلف في تصحيحه, فمنهم من صححه، كالإمامين: مسلم، وابن خزيمة، فقد أخرجاه في "صحيحيهما"، ومنهم من ضعفه, لأن له علّتين:
(إحداهما): فيه حبيب بن أبي ثابت، فإنه مدلّس، وقد عنعنه.
(والثانية): مخالفته لغيره ممن روى عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -.
قال الإمام ابن حبّان -رحمه الله- في "صحيحه" ج 7 ص 98 - : خبر حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات، وأربع سجدات"، ليس بصحيح، لأن حبيبا لم يسمع من طاوس هذا الخبر. انتهى.
وقال الحافظ البيهقيّ -رحمه الله- في "سننه" ج 3/ ص 327: وحبيب، وإن كان من الثقات، فقد كان يدلّس، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاوس، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به، عن طاوس، وقد رَوَى سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عبّاس من فعله أنه صلاها ست ركعات، في أربع سجدات، فخالفه في الرفع، والعدد جميعًا. انتهى.
وفيه علة أخرى، وهي الشذوذ، فقد روى غير واحد، عن ابن عباس أنها أربع ركعات، وأربع سجدات. واللَّه تعالى أعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي، أن الصحيح من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنه - هو الآتي في الباب التالي، وهو أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى ركعتين بأربع ركوعات، وأربع سجدات، لاتفاق كثير بن عباس، وعطاء بن يسار في روايته عنه، ولموافقته للأحاديث الصحيحة في هذا الباب.
والحاصل أن حديث حبيب بن أبي ثابت هذا غير صحيح، لما ذكر من العلتين.
وأما دعوى إمكان الجمع بحمله على تعدد القصّة، كما قال ابن خزيمة، فيبعده أن الصحيح أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف مرّة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم - رضي اللَّه عنه -. واللَّه تعالى أعلم.

الصفحة 406