كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 16)
(قَالَتْ عَائِشَة) - رضي اللَّه عنها - (إِنَّ النبِىَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - خَرَجَ مَخْرَجًا) بفتح الميم مصدر ميمي، أي خروجًا، أو منصوب على الظرفية (فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَخَرَجْنَا إِلىَ الْحُجْرَةِ) أي إلى ظاهر الحجرة، وسيأتي قولها: "فكنت ببن الحُجُر مع نسوة"، واللَّه تعالى أعلم (فَاجْتَمَعَ إِلَيْنَا نِسَاءٌ، وَأَقْبَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي رجع عن المحلّ الذي خرج إليه (وَذَلِكَ ضَحْوَةَ) منصوب على الظرفية، متعلق بخبر اسم الإشارة (فَقَامَ قِيَامَا طَوِيلاً، ثُمّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ دُونَ رُكُوعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ، فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ، إلاَّ أَنَّ رُكُوعَهُ وَقِيَامَهُ دُونَ الرَّكْعَةِ الْأوُلىَ، ثُمَّ سَجَدَ، وَتَجلَّتِ الشَّمْسُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي سلم من صلاته (قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ فِيمَا يَقُولُ) أي في جملة القول الذي قاله في تلك الخطبة ("إِنَّ النَّاسَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ) فيه إثبات عذاب القبر، وفتنته، وهو مذهب أهل الحقّ، ومعنى "يُفتنون": يُمتحنون، فيقال: ما علمك بهذا الرجل؟، فيقول المؤمن: هو رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويقول المنافق: سمعت الناس يقولون شيئًا، فقلته، هكذا جاء مفسّرًا في "الصحيح" (كَفِتْنَةِ الَدَّجَّالِ") أي فتنةً شديدةً جدّا، وامتحانًا هائلاً، ولكن يُثبّت اللَّه الذين آمنوا بالقول الثابت. قاله النووي (¬1) (قَالَتْ عَائِشَةُ" كُنَّا نَسْمَعُهُ) أي نسمع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (بَعْدَ ذَلِكَ) أي بعد ذلك الوقت الذي وقعت فيه حادثة الكسوف (يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ") أي لأنه أُوحي إليه بأن الناس سيفتنون في قبورهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأول: في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا 11/ 1477 - وفي "الكبرى" 11/ 1860 - بالإسناد المذكور وفي 12/ 1467 - و"الكبرى" 12/ 1861 عن عمرو بن عليّ، عن يحيى القطّان، عن يحيى الأنصاري به. وفي 12/ 1477 و"الكبرى" 12/ 1862 عن عبدة بن عبد الرحيم، عن ابن عُيينة، عن يحيى به، مختصرًا. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فبمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) 2/ 45 و 2/ 47 و 2/ 49 (م) 3/ 30 (مالك في الموطإ) 133 (الحميدي)
¬__________
(¬1) "شرح مسلم" ج 6 ص 206 - 207.
الصفحة 423
446