كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 17)

(ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. (ومنها): أن فيه ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (1696) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، كذا في "الموطإ"، وفي جميع من أخرجه من طريق مالك، ووقع في رواية اللؤلؤيّ في "سنن أبي داود" "عن أبي هريرة" بدل "ابن عباس"، وهو غلط، وقاله في "الفتح" (¬1) أنه (قَالَ: خَسَفَتِ) وفي نسخة "كسفت" بالكاف، وهو بمعناه (الشَّمْسُ، فَصَلَّى رَسُولُ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَالنَّاسُ- مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، قَرَأَ نَحْوًا من سُورَةِ الْبَقرَةِ) هذا محل الترجمة، فإنه يدلّ على مقدار القراءة في صلاة الكسوف، وقد تقدّم نحوه في حديث عائشة - رضي اللَّه عنه - 13/ 1481 - "قالت: فحَسِبْتُ قَرأَ سورةَ البقرة" (قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَام الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوً دُونَ الرُّكُوعِ الأَوّلِ، ثُمَّ سَجَدَ) أي سجدتين (ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَام الأوَّلِ) فيه أن الركعة الثانية أقصر من الأولى (قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَام الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوً دُونَ الرُّكُوعِ الأَوّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ) أي سلَّم من الصلاة (وَقَد تَجَلَّتِ الشَّمْسُ) جملة في محلّ نصب على الحال (فَقَالَ: "إِن الشَّمْسُ وَالْقَمَرَ، آيَتَانِ من آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدِ، وَلَا لِحَيَاتِه، فَإِذَا رَأَيْتُم ذَلِكَ، فَاذكُرُوا اللهَ -عَزّ وَجَلَّ-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ) قال الحافظ: في حديث جابر عند أحمد بإسناد حسن: "فلما قضى الصلاة، قال له أُبيّ بن كعب: شيئًا صنعته في الصلاة لم تكن تصنعه"، فذكر نحو حديث ابن عباس، إلا أن في حديث جابر أن ذلك كان في الظهر، أو العصر، فإن كان محفوظًا فهي قصة أخرى، ولعلها التي حسماها أنس، وذكر أنها وقعت في صلاة الظهر، لكن فيه: "عُرضت عليّ الجنة والنار في عُرْض هذا الحائط"، حسبُ، وأما حديث جابر فهو شبيه بسياق ابن عباس في ذكر العنقود، وذكر النساء. واللَّه تعالى أعلم انتهى.
(رَأَينَاكَ، تَنَاوَلْتَ) بصيغة الماضي، ووقع عند البخاري في رواية الكشميهني "تناولُ" بصيغة المضارع بضم اللام، وبحذف إحدى التاءين، وأصله تتناول (شَيْئًا، فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَينَاك، تَكَعْكَعْتَ) أي تأخّرت، يقال: كعّ الرجل: إذا نكص على عقبيه، قال
¬__________
(¬1) "فتح" ج 3 ص 241.

الصفحة 20