كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 17)

مانع أن يخلق اللَّه مثل ذلك في الدنيا إذا شاء، والفرق بين الدارين في وجوب الدوام
وجوازه.
[فائدة]: بيّن سعيد بن منصور في روايته من وجه آخر، عن زيد بن أسلم أن التناول المذكور كان حين قيامه الثاني من الركعة الثانية. انتهى (¬1).
(ما بقيت الدنيا) "ما" مصدرية ظرفية، أي مدة بقاء الدنيا، أي لعدم فناء فواكه الجنة.
(وَرَأَيْتُ النَّارَ) وقع في رواية عبد الرزّاق المذكورة أن رؤيته النار كانت قبل رؤيته الجنة، وذلك أنه قال فيه: "عُرضت على النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - النارُ، فتأخر عن مصلاه، حتى إن الناس ليركب بعضهم بعضا، وإذا رجع عُرضت عليه الجنة، فذهب يمشي حتى وقف في مصلّاه"، ولمسلم من حديث جابر: "لقد جيء بالنار حين رأيتموني تأخّرت، مخافة أن يصيبني من لَفْحها"، وفيه "ثم جيء بالجنة، وذلك حين رأيتموني تقدّمت، حتى قمت في مقامي"، وزاد فيه: "ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه"، وفي حديث سمرة عند ابن خزيمة: "لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في دنياكم وآخرتكم".
(فَلَمْ أَرَ كالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ) "منظرًا" تمييز محول عن المضاف، أي كمنظر اليوم، والمراد باليوم الوقَت، فالمعنى: كالمنظر الذي رأيته الآن.
ولفظ البخاري: "فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع". قال في "الفتح": المراد باليوم الوقت الذي هو فيه، أي لم أر منظرًا مثل منظر رأيته اليوم، فحذف المرئيّ، وأدخل التشبيه على اليوم لبشاعة ما رأى فيه، وبعده عن المنظر المألوف. وقيل: الكاف اسم، والتقدير: ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرا. ووقع في رواية المستملي، والحموي: "فلم أنظر كاليوم قط أفظع". انتهى.
(وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النًسَاءَ) قال الحافظ: هذا يفسّر وقتَ الرؤية في قوله لهنّ في خطبة العيد: "تصدّقن، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار" انتهى.
قال الجامع -عفا اللَّه عنه-: فيما قاله نظر، إذ لا يتعيّن هذا تفسيرًا لما ذكره، إذ يحتمل أن يراهن في وقت آخر أيضًا، واللَّه تعالى أعلم.
(قَالُوا: لِمَ) وفي نسخة "بم" (يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: "بِكُفْرِهِنَّ"، قِيلَ" يَكفُرْنَ باللهِ؟) القائل هي أسماء بنت يزيد بن السكن التي كانت تعرف بخطيبة النساء (قَال: "يكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) أي الزوج، قال الكرماني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم يُعدّه بالباء، كما عدّى الكفر باللَّه, لأن
¬__________
(¬1) "فتح" ج 3 ص 242 - 243.

الصفحة 23