كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 17)

كفر العشير لا يتضمّن معنى الاعتراف (وَيَكفُرْنَ الإِحْسَانَ) كانه بيان لقوله: "يكفرن العشير" لأن المقصود كفر إحسان العشير، لا كفران ذاته، والمراد بكفر "الإحسان تغطيته، أو جحده، ويدل عليه آخر الحديث (لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ) بيان للتغطية المذكورة، و"لو" هنا شرطية، لا امتناعية، وقال الكرمانيّ: ويحتمل أن تكون امتناعيةً بان يكون الحكم ثابتًا على النقيضين، والطرف المسكوت عنه أولى من المذكور، و"الدهرَ" منصوب على الظرفية، والمراد منه عمر الرجل، أو الزمان كله، مبالغة في كفرانهنّ، وليس المراد بقوله: "أحسنت" مخطابة رجل بعينه، بل كلّ من يتأتّى منه أن يكون مخاطبًا، فهو خاصّ لفظًا، عامّ معنى (ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا) التنوين فيه للتقلمل، أي شيئًا قليلًا لا يوافق غرضها، من أي نوع كان.
ووقع في حديث جابر - رضي اللَّه عنه - ما يدل على أن المرئيّ في النار من النساء من اتصف بصفات ذميمة ذُكرتْ، ولفظه: "وأكثر من رأيت فيها من النساء اللاتي إن ائتُمنّ أفشين، وإن سُئلن بخِلنَ، وإن سألن ألْحَفْنَ، وإن أعطين لم يشكرن ... " الحديث.
(قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ) الظاهر أن التنوين في "خيرًا" أيضًا للتقليل، أي لم أر منك قليلًا من الخير .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث عبد اللَّه بن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -17/ 1493 - وفي "الكبرى" 17/ 1878 - بالإسناد المذكور. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) 1/ 14 و1/ 118 و 2/ 45 و1/ 190 و 4/ 132 و 7/ 39 (م) 3/ 33 و 3/ 34 (د) 1189 (مالك في الموطإ) 132 (أحمد) 1/ 298 و 1/ 358 (الدارمي) 1536 (ابن خزيمة) 1377. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في فوائده غير ما تقدّم:
(منها): المبادرة إلى الطاعة عند رؤية ما يُحذر منه، واستدفاعُ البلاء بذكر اللَّه تعالى، وأنواع طاعته (ومنها): أن فيه معجزةً ظاهرةً للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (ومنها): ما كان عليه من نصح أمته، وتعليمهم ما ينفعهم، وتحذيرهم مما يضرّهم (ومنها): مراجعة المتعلّم

الصفحة 24