كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)
يحيى ابن معين: مَنْ عليّ الأزديّ حتى أقبل منه؟، وادعى يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن نافع أن ابن عمر كان يتطوّع بالنهار أربعًا، لا يفصل بينهنّ، ولو كان حديث الأزديّ صحيحًا لما خالفه ابن عمر، يعني مع شدة اتباعه، رواه عنه محمد بن نصر في سؤالاته، لكن روى ابن وهب بإسناد قويّ عن ابن عمر، قال: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى"، موقوف، أخرجه ابن عبد البرّ من طريقه، فلعلّ الأزديّ اختلط عليه الموقوف بالمرفوع، فلا تكون هذه الزيادة صحيحة على طريقة من يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذّا، وقد روى ابن أبي شيبة من وجه آخر عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعًا أربعا، وهذا موافق لما نقله ابن معين (¬1) انتهى (¬2).
وقال في "التلخيص الحبير": حديث ابن عمر: "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى". رواه أحمد، وأصحاب السنن, وابن خزيمة، وابن حبان من حديث علي بن عبد اللَّه البارقيّ الأزديّ، عن ابن عمر بهذا، وأصله في "الصحيحين" بدون ذكر النهار. قال ابن عبد البر: لم يقله أحد عن ابن عمر غير عليّ، وأنكروه عليه، وكان يحيى بن معين يضعّف حديثه هذا , ولا يحتجّ به، ويقول: إن نافعًا، وعبد اللَّه بن دينار، وجماعة رووه عن ابن عمر بدون ذكر النهار، ورَوَى (¬3) بسنده عن يحيى بن معين، أنه قال: "صلاة النهار أربع، لا يفصل بينهنّ"، فقيل له: فإن أحمد بن حنبل يقول: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأيّ حديث؟ فقيل له: بحديث الأزديّ، فقال: ومَنْ الأزديّ حتى أقبل منه؟، وأَدَعَ يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يتطوّع بالنهار أربعا، لا يفصل بينهنّ، لو كان حديث الأزديّ صحيحًا لم يُخالفه ابن عمر.
وقال الترمذيّ: اختلف أصحاب شعبة فيه، فوقفه بعضهم، ورفعه بعضهم، والصحيح ما رواه الثقات عن ابن عمر، فلم يذكروا فيه صلاة النهار. وقال النسائي: هذا الحديث عندي خطأ، وكذا قال الحاكم في "علوم الحديث". وقال النسائيّ في "الكبرى": إسناده جيد، إلا أن جماعة من أصحاب ابن عمر خالفوا الأزديّ، فلم يذكروا "في النهار". وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان، والحاكم في "المستدرك"، وقال: رواته ثقات.
وقال الدارقطنيّ في "العلل": ذكر "النهار" فيه وَهَم. وقال الخطابي: رَوَى هذا الحديث طاوس، ونافع، وغيرهما عن ابن عمر، فلم يذكر أحد فيه "النهار"، وإنما هو "صلاة الليل مثنى مثنى"، إلا أن سبيل الزيادة من الثقة أن تُقبل.
¬__________
(¬1) - هكذا نسخة "الفتح" ابن معين، ولعل الصواب لما نقله يحيى بن سعيد، كما تقدّم قريبًا.
(¬2) - "فتح" ج3 ص 162.
(¬3) أي روى ابن عبد البرّ.
الصفحة 17
402