كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)

بمصر، يقال له: حرملة، كان أعلم الناس بابن وهب. وقال ابن عديّ: سألت عبد اللَّه ابن محمد بن إبراهيم الفَرْهَادانيّ أن يُملي عليّ شيئًا من حديث حَرْملة، فقال لي: يا بُنيّ ما تصنع بحرملة؟ حرملةُ ضعيف. وقال أحمد بن صالح: صنّف ابنُ وهب مائة ألف حديث وعشرين ألف حديث، عند بعض الناس النصفُ -يعني نفسه- وعند بعض الناس منها الكلّ -يعني حرملة-. وقال ابن عديّ: وقد تبحّرتُ حديثَ حرملة، وفتّشته الكثيرَ، فلم أجد فيه ما يجب أن يضعّف من أجله، ورجل يكون حديث ابن وهب كله عنده، فليس ببعيد أن يُغْرب على غيره كُتُبًا ونُسَخًا، وأما حَمْلُ أحمد بن صالح عليه، فإن أحمد سمع في كتب حرملة من ابن وهب، فأعطاه نصف سماعه، ومنعه النصف، فتولّد بينهما العداوة من هذا، وكان مَن يبدأ بحرملة إذا دخل مصر لا يُحدثه أحمد بن صالح، وما رأينا أحداً جمع بينهما.
قال الحافظ: كذا قال، وقد جمع بينهما أحمد بن رِشْدِين شيخُ الطبرانيّ، لكن يُحمل قول ابن عديّ على الغرباء. مات حرملة سنة (244) كذا قال. وقال ابن يونس: ولد سنة (166) وتوفي لتسع بقين من شوّال سنة (43). وكان مِنْ أَمْلَى الناس بما روى ابن وهب. ونقل أبو عمر الكنديّ أن سبب كثرة سماعه من ابن وهب أن ابن وهب استَخفَى عندهم لَمّا طُلِب للقضاء. قال: ونظر إليه أشهب، فقال: هذا خير أهل المسجد. وقال العُقيليّ: كان من أعلم الناس بابن وهب، وهو ثقة إن شاء اللَّه تعالى. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال أبو عبد اللَّه البُوشَنجيّ: سمعت عبد العزيز بن عمران المصريّ يقول: لقيتُ حرملة بعد موت الشافعيّ، فقلت له: أَخرِجْ إلي فهرست كتب الشافعيّ، قال: فأخرجه إليّ، فقلت: ما سمعتم من هذه الكتب؟ قال: فسمّى لي سبعة كتب، أو ثمانية، فقال: هذا كل شيء عندنا عن الشافعي عَرْضًا وسماعًا. قال أبو عبد اللَّه البُوشنجيّ: فرَوَى عنه الكتب كلها سبعين كتابا، أو أكثر, وزاد أيضًا ما لم يُصنّفه الشافعيّ، وذاك أنه رَوَى عنه فيما أخبرنا بعض أصحابنا "كتاب الفَرْق بين السحر والنبوّة"، وأنه قيل له في ذلك، فقال: هذا تصنيف حفص الفرد، وقد عرضته على الشافعي، فرضيه. روى له مسلم، والمصنّف، وابن ماجه، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.
و (ابن وهب) هو عبد اللَّه المصريّ الثقة الحافظ العابد [9] 9/ 9.
و (عمرو بن الحارث) هو المصريّ الحافظ الثقة الفقيه [7] 63/ 79. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب"

الصفحة 27