كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)

لا الأولاد، أي بفضل رحمة اللَّه لمن مات لهم، قال: وساغ الجمع لكونه نكرة في
سياق النفي، فتعمّ انتهى.
قال الحافظ: وهذا الذي زعم أنه ظاهر ليس بظاهر، بل في غير هذا الطريق ما يدلّ على أن الضمير للأولاد، ففي حديث عمرو بن عَبَسَة عند الطبرانيّ: "إلا أدخله اللَّه برحمته هو وإياهم الجنة"، وفي حديث أبي ثعلبة الأشجعيّ المتقدم ذكره: "أدخله اللَّه الجنة بفضل رحمته إياهم"، قاله بعد قوله: "من مات له ولدان"، فوضح بذلك أن الضمير في قوله: "إياهم" للأولاد، لا للآباء، واللَّه أعلم انتهى (¬1).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث عمرو بن عَبَسَة، وحديث أبي ثعلبة قد تقدم أنهما متكلم فيهما، فالأولى في الردّ على الكرماني حديث أبي ذرّ، وأبي هريرة - رضي اللَّه عنه - المذكوران في هذا الباب، مرفوعًا: "ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد، لم يبلغوا الحنث إلا غفر اللَّه لهما بفضل رحمته إياهم"، لفظ أبي ذرّ - رضي اللَّه عنه -، ولفظ أبي هريرة: "إلا أدخلهما اللَّه بفضل رحمته إياهم الجنة". ففيه بيان واضح أن الضمير للأولاد لا للآباء. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث أنس - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه البخاريّ.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-23/ 1873 - وفي "الكبرى" 25/ 2001 - وأخرجه (خ) 1248 و 1381 (ق) 1605 (أحمد) 12126 واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
1874 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ, عَنْ يُونُسَ, عَنِ الْحَسَنِ, عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ, قُلْتُ: حَدِّثْنِي, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ, يَمُوتُ بَيْنَهُمَا, ثَلاَثَةُ أَوْلاَدٍ, لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ, إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا, بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ».
رجال هذا الإسناد: ستة:
1 - (إسماعيل بن مسعود) الْجَحْدريّ البصريّ ثقة [10] 42/ 47.
2 - (بشر بن المفضّل) بن لاحق الرَّقَاشيّ، أبو إسماعيل البصريّ، ثقة ثبت عابد [8] 66/ 82.
3 - (يونس) بن عُبيد بن دينار العبديّ البصريّ، ثقة ثبت فاضل وَرع [5] 88/ 109.
¬__________
(¬1) - "فتح" ج 3 ص 458.

الصفحة 360