كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)

شرح الحديث
(عَنْ أَنَسٍ) - رضي اللَّه عنه - "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، نَعَى) تقدم إيضاح معنى النعي في أول الباب (زَيْدًا) أي زيد بن حارثة، والد أسامة - رضي اللَّه عنه - (وَجَعْفَرًا) أي ابن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - (قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ) أي قبل مجيء خبر موتهم.
وذكر موسى بن عقبة في "المغازي" أن يعلى بن أميّة قدم بخبر أهلِ مُؤْتَة، فقال له رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن شئت، فأخبرني، وإن شئت أخبرك"، قال: فأخبرني، فأخبره خبرهم، فقال: والذي بعثك بالحقّ ما تركت من حديثهم حرفا لم تذكره، وعند الطبراني من حديث أبي الْيَسَر الأنصاريّ أن أبا عامر الأشعريّ هو الذي أخبر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بمُصَابهم. انتهى (¬1).
[تنبيه]: لم يُذكَر في رواية المصنف عبدُ اللَّه بن رواحة، وكان معهما، وقد ذُكِر في رواية البخاريّ، وغيره، ولفظ البخاريّ عن شيخه أحمد بن واقد، عن حماد بن زيد: أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، نعى زيدا، وجعفرا، وابن رواحة، للناس، قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: "أخذ الراية زيد، فأصيب، ثم أخذ جعفر، فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة، فأصيب"، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف اللَّه، حتى فتح اللَّه عليهم". انتهى.
[تنبيه آخر]: كان إخبار النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بموتهم في غزوة مؤتة -بالهمزة مكان بالقرب من البلقاء، وقيل: على مرحلتين من بيت المقدس- قال البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى-:
4261 - أخبرنا أحمد بن أبي بكر، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن سعيد، عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر، - رضي اللَّه عنه - قال: أَمَّرَ رسولُ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، في غزوة مؤتة، زيد بن حارثة، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر، فعبد اللَّه بن رواحة"، قال عبد اللَّه: كنت فيهم، في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين، من طعنة ورمية.
وسبب تلك الغزوة أن شرحبيل بن عمرو الغسّاني -وهو من أمراء قيصر على الشام- قتل رسولا أرسله النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى صاحب بُصرى، واسم الرسول الحارثُ بن عُمير، فجهز إليهم رسول النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عسكرًا في ثلاثة آلاف في جمادى، من سنة ثمان من الهجرة (¬2).
(فَنَعَاهُمْ) وفي نسخة: "نعاهم" بدون فاء (وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ") بكسر الراء، يقال: ذَرَفَت العين، ذَرْفًا، من باب ضَرَبَ: دَمِعَت، وَذَرَفَ الدمعُ: سأل، وذَرَفَت العين الدمعَ. قاله
¬__________
(¬1) - المصدر المذكور ج 7 ص 585.
(¬2) - راجع "الفتح" ج 7 ص 583. طبعة دار الريان.

الصفحة 369