كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)

حفصة ما لم يحفظه محمد،، كما سيأتي مبيّنًا.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس في أحاديث الغسل للميت أعلى من حديث أم عطيّة، وعليه عَوَّلَ الأئمّة انتهى (¬1).
(أَنَّ أُمَّ عَطِيَةَ الأَنْصَارِيَّةَ) - رضي اللَّه عنها -، وفي رواية ابن جريج: جاءت أم عطية، امرأة من الأنصار اللاتي بايعن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قدمت البصرة، تُبَادر ابنا لها، فلم تُدركه.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا الابن ما عَرفتُ اسمه، وكأنه كان غازيًا، فقدم البصرة، فبلغ أم عطيّة، وهي بالمدينة قُدومه، وهو مريض، فرحلت إليه، فمات قبل أن تلقاه، ودلت بعض الروايات أن قدومها كان بعد موته بيوم، أو يومين انتهى (قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، حِينَ تُوُفِّيَتِ ابنَتُهُ) وفي الروية الآتية -33/ 1886 - : "قالت دخل علينا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ونحن نغسل ابنته ... " قال في "الفتح ": ويجمع بينهما بأن المراد أنه دخل حين شرع النسوة في الغسل، وسيأتي للمصنف -32/ 1885 - من طريق هشام بن حسان، عن حفصة أن مجيئهنّ إليها كان بأمره - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولفظه: ماتت إحدى بنات النبي
- صلى اللَّه عليه وسلم -، فأرسل إلينا، فقال: "اغسلنها ... ".
[تنييه]: قوله: "ابنته" قال في "الفتح": لم تقع في شيء من رواية البخاريّ مسماة، والمشهور أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع، والدة أُمَامة التي تقدّم ذكرها في "الصلاة"، وهي أكبر بنات النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكانت وفاتها فيما حكاه الطبريّ في "الذيل" في أول سنة ثمان، وقد وردت مسماة في هذا عند مسلم، من طريق عاصم الأحول، عن حفصة، عن أم عطيّة، قالت: لما ماتت زينب بنت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "اغسلنها ... "، فذكر الحديث، قال الحافظ: ولم أرها في شيء من الطرق، عن حفصة، ولا عن محمد مسماة إلا في رواية عاصم هذه، وقد خولف في ذلك، فحكى ابن التين، عن الداوديّ الشارح، أنه جزم بأن البنت المذكورة أم كلثوم، زوج عثمان، ولم يذكر مستنده، وتعقّبه المنذريّ بأن أم كلثوم توفيت، والنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ببدر، فلم يشهدها، وهو غلط منه، فإن التي توفيت حينئذ رُقَيَّة. وعزاه النوويّ، تبعًا لعياض لبعض أهل السير، وهو قصور شديد، فقد أخرجه ابن ماجه، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الوهاب الثقفيّ، عن أيوب، ولفظه: "دخل علينا، ونحن نغسل ابنته، أم كلثوم"، وهذا الإسناد على شرط الشيخين، وفيه نظر (¬2).
¬__________
(¬1) - المصدر الذكور ج 3 ص 466.
(¬2) - ووجه النظر أنه ذكر البخاري في "باب كيف الإشعار": "ولا أدري أيّ بناته" انتهى. فإنه يدل على أنه لم يسمع تسميتها.

الصفحة 379