كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 18)

شديد البرد، فهل عليّ من غسل؟ فقالوا: لا (¬1).
وقال مالك، والشافعيّ: يستحب له الغسل، ولا يجب. وقال النخعي، وأحمد، وإسحاق: يتوضأ غاسل الميت. وقال أحمد: لا يثبت في الاغتسال من غسل الميت حديث. وقال ابن المبارك: لا يغتسل، ولا يتوضأ انتهى كلام البغوي -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى (¬2).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث: "من غسل ميتا فليغتسل ... " قال الحافظ في الفتح": رواه أبو داود، من طريق عمرو بن عمير، ورواته ثقات، إلا عمرو بن عمير، فليس بمعروف، وروى الترمذيّ، وابن حبّان، من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة نحوه، وهو معلول، لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه: الصواب عن أبي هريرة موقوف. وقال أبو داود بعد تخريجه: هذا منسوخ، ولم يبين ناسخه. وقال الذهليّ فيما حكاه الحاكم في "تاريخه": ليس فيمن غسل ميتًا حديث ثابت انتهى (¬3).
وقد استوفى الكلام عليه الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- في "التلخيص الحبير"، ودونك عبارته: قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: حديث: "من غسل ميتا فليغتسل" رواه أحمد، والبيهقيّ، من رواية ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة بهذا، وزاد: "ومن حمله فليتوضأ". وصالح ضعيف. ورواه البزار، من رواية العلاء، عن أبيه، ومن رواية محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان، ومن رواية أبي بحر البكراويّ، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، كلهم عن أبي هريرة. ورواه الترمذيّ، وابن ماجه، من حديث عبد العزيز ابن المختار، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. ورواه أبو داود، من رواية عمرو بن عُمير، وأحمد من رواية شيخ، يقال له: أبو إسحاق، كلاهما عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -. وذكر البيهقيّ له طرقا، وضعّفها، ثم قال: والصحيح أنه موقوف. وقال البخاري: الأشبه موقوف. وقال عليّ، وأحمد: لا يصحّ في الباب شيء، نقله الترمذيّ عن البخاريّ، عنهما. وعلّق الشافعيّ القول به على صحّة الخبر، وهذا في "البويطيّ". وقال الذهليّ: لا أعلم فيه حديثا ثابتًا، ولو ثبت للزمنا استعماله. وقال ابن المنذر: ليس في الباب حديث
¬__________
(¬1) - أخرجه مالك في "الموطإ" 1/ 223 ورجاله ثقات، لكنه منقطع، عبد اللَّه بن أبي بكر، هو ابن محمد بن عمرو بن حزم لم يدرك أسماء.
(¬2) - "شرح السنة"ج 2 ص 169 - 170.
(¬3) - "فتح" ج 3 ص 465.

الصفحة 387