قد أُورد على هذا الحديث قضية الوادي لَمّا نام - صلى اللَّه عليه وسلم - عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، فلو كانت حواسّه. باقية مُدركة مع النوم لأدرك الشمس، وطلوع النهار. قال: والجواب أن أمر الوادي مستثنى من عادته، وداخل في عادتنا.
وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: من أهل العلم مَنْ تأوّل الحديث على أن ذلك غالب أحواله، وقد ينام نادرًا، ومنهم من تأوّله على أنه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث. والأولى عندي أن يقال: ما بين الحديثين تناقض، وأنه يومَ الوادي إنما نامت عيناه، فلم ير طلوع الشمس، وطلوعُها إنما يُدرك بالعين، دون القلب. قال: وقد تكون هذه الغلبة هنا للنوم، والخروج عن عادته فيه، لِمَا أراد اللَّه تعالى من بيان سنةَ النائم عن الصلاة، كما قال: "لو شاء اللَّه لأيقظنا، ولكن أراد أن تكون لمن بعدكم". انتهى.
وقال الشيخ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفي "مسند أحمد": أنّ ابن صيّاد تنام عينه، ولا ينام قلبه، وكان ذلك في المَكْرِ به، وأن يصير (¬1) مستيقظ القلب في الفجور والمفسدة، ليكون أبلغ في عقوبته، بخلاف استيقاظ قلب المصطفى - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإنه في المعارف الإلهيّة، والمصالح التي لا تُحصَى، فهو رافع لدرجاته، ومُعَظِّمٌ لشأنه. انتهى (¬2) .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له:
أخرجه هنا-36/ 1697 - عن محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين، كلاهما عن ابن القاسم، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عنها. وفي "الكبرى" 58/ 1421 عن قتيبة بن سعيد، عن مالك به. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) في "الصلاة" عن عبد اللَّه بن يوسف- وفي "الصوم" عن إسماعيل- وفي "صفة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عن القعبيّ- (م) في "الصلاة" عن يحيى بن يحيى- (د) في
¬__________
(¬1) - هكذا نسخة "الزهر" "وأن يصير الخ" بالواو، ولعل الصواب "بأن يصير الخ" بالباء، فليُتأمّل.
(¬2) - راجع "زهر الربى" ج3 ص 234 - 241.