كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 20)

قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يحتمل أن المراد مطلق الكتابة، ككتابة اسم صاحب القبر عليه، أو تاريخ وفاته، أو المراد كتابة شيء من القرآن، وأسماء اللَّه تعالى للتبرّك؛ لاحتمال أن يوطأ، أو يسقط على الأرض، فيصير تحت الأرجل انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن النهي عامّ لجميع أنواع الكتابة، فلا تجوز الكتابة عليه مطلقًا، فإن النصّ لم يقيده بنوع دون نوع، فلا يخصّص شيء منها بالجواز، وأما ما يأتي من قول الحاكم: إن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم. فسيأتي ردّ الذهبيِّ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث جابر - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -96/ 2027 و 97/ 2028 و 98/ 2029 - وفي "الكبرى" 96/ 2154 و 97/ 2155 و 98/ 2156. وأخرجه (م) 2242 و 2243 و 2244 (د) 3226 و 3225 (ت) 1052 (ق) 1562.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو النهي عن الزيادة على القبر. ومنها: النهي عن البناء على القبر. ومنها: عدم جواز تَجْصيص القبر. ومنها: عدم جواز الكتابة عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: ذكر المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هنا أن زيادة الكتابة في الحديث من تفرّد سليمان بن موسى، وفيما قاله نظر؛ لأنها ثبتت من رواية أبي الزبير أيضًا، فقد أخرج الحديث الترمذيّ رقم -1052 - فقال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، أبو عمرو البصريّ، حدثنا محمد بن ربيعة، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "نهى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن تجُصّص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن جابر انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أفادت رواية الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تحريم وطء القبور، فلا يجوز وطؤها بالأقدام، واللَّه تعالى أعلم.
وأخرجه الحاكم أيضًا في "المستدرك" ج 1 ص 370 - من طريق سَلْم بن جُنَادة، ثنا حفص بن غياث النخعيّ، ثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "نهى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُبنى على القبر، أو يَجَصَّصَ، أو يُقعد عليه، ونهى أن يُكتب عليه".

الصفحة 11