"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإلية أنيب".
...
22 - (ذِكْرُ اخْتِلَافِ هِشَامِ، وَسَعِيدٍ عَلَى قَتَادَةَ فِيهِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وجه الاختلاف المذكور أن هشاما الدستوائيّ رواه عن قتادة، عن أنس، عن زيد بن ثابت، فجعله من مسند زيد - رضي اللَّه عنه -، ووافقه همّام بن يحيى العَوْذيّ، عن قتادة، وقد أخرجه البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" من طريقيهما في "مواقيت الصلاة" رقم 27/ 575 و 576.
وخالفه سعيد بن أبي عَرُوبة، فرواه عن قتادة، عن أنس - رضي اللَّه عنه -، قال: "تسحّر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وزيد بن ثابت ... "، فجعله من مسند أنس - رضي اللَّه عنه -، وأخرج البخاري طريق هشام في "الصيام" رقم 19/ 1921.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وتَرَجَّحَ عند مسلم روايةُ همّام، فإنه أخرجها، وأعرض عن رواية سعيد، ويدلّ على رجحانها أيضًا أن الإسماعيليّ أخرج رواية سعيد من طريق خالد بن الحارث، عن سعيد، فقال: "عن أنس، عن زيد بن ثابت".
قال: والذي يظهر لي في الجمع بين الروايتين أن أنسًا حضر ذلك لكنه لم يتسحّر معهما، ولأجل هذا سأل زيدًا عن مقدار وقت السحور. قال: ثم وجدت ذلك صريحا في رواية النسائيّ، وابن حبّان، ولفظهما: "عن أنس، قال: قال لي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: يا أنس إني أريد الصيام، أطعمني شيئًا، فجئته بتمر، وإناء فيه ماء، وذلك بعد ما أذّن بلال، قال: يا أنس انظر رجلاً يأكل معي، فدعوت زيد بن ثابت، فجاء، فتسحّر معه، ثم قام، فصلّى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة" (¬1).
فعلى هذا فالمراد بقوله: "كم كان بين الأذان والسحور" أي أذان ابن أم مكتوم؛ لأن بلالاً كان يؤذن قبل الفجر، والآخر يؤذن إذا طلع انتهى (¬2). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
¬__________
(¬1) - سيأتي الحديث للمصنف برقم 28/ 2167.
(¬2) - "فتح" ج 4 ص 248.