كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 20)

الصحابيّ - رضي اللَّه تعالى عنهما -، استُصغر يوم بدر، ومات سنة (72)، وتقدّم في 86/ 105. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، وشيخ شيخه، فإنهما من أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بثقات الكوفيين، غير شيخه، فرقّيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ أَحَدَهُمْ) أي الصحابة. ولفظ البخاريّ، من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق: "كان أصحاب محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يُفطر لم يأكل ليلته، ولا يومه حتى يُمسي ... " (كَانَ إِذَا نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَشَّى) أي قبل أن يفطر من صومه (لَمْ يَحِلّ لَهُ، أَنْ يَأْكُلَ شَيْئًا، وَلَا يَشْرَبَ لَيْلَتَهُ وَيَوْمَهُ مِنَ الْغَدِ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ) وفي رواية أبي الشيخ من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق: "كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون، ويشربون، ويأتون النساء، ما لم يناموا، فإذا ناموا لم يفعلوا شيئًا من ذلك إلى مثلها".
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: فاتفقت الروايات في حديث البراء على أن المنع من ذلك مقيدٌ بالنوم، وهذا هو المشهور في حديث غيره، وقيد المنع من ذلك في حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - بصلاة العتمة. أخرجه أبو داود بلفظ: "كان الناس على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا صلّوا العتمة حرم عليهم الطعام، والشراب، والنساء، وصاموا إلى القابلة". ونحوه في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، كما سيأتي قريبًا، وهذا أخصّ من حديث البراء من وجه آخر، ويحتمل أن يكون ذكر صلاة العشاء لكون ما بعدها مظنّة النوم غالبًا، والتقييد في الحقيقة إنما هو بالنوم؛ كما في سائر الأحاديث.
وبيّن السدّيّ وغيره أن ذلك الحكم كان على وفق ما كُتب على أهل الكتاب، كما أخرجه ابن جرير من طريق السدّيّ، ولفظه: "كُتِب على النصارى الصيام، وكُتب عليهم أن لا يأكلوا، ولا يشربوا، ولا يَنكحوا بعد النوم، وكُتب على المسلمين أوّلاً مثلُ ذلك حتى أقبل رجل من الأنصار ... "، فذكر القصة.
ومن طريق إبراهيم التيميّ: "كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب إذا نام أحدهم لم يَطعَم حتى القابلة". ويؤيد هذا ما أخرجه مسلم من حديث عمرو بن العاص، مرفوعًا: "فصل ما بين صيامنا، وصيام أهل

الصفحة 379