كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 20)

أحيائها]، وأشار بذلك إلى أن عديّا لم يكن يعرف في لغته أن سواد الليل، وبياض النهار يُعبّر عنهما بالخيط الأبيض، والخيط الأسود، وساق هذا الحديث (¬1). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عديّ بن حاتم - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -29/ 2169 - وفي "الكبرى" 29/ 2479 وفي "التفسير" منه 27/ 11021. وأخرجه (خ) في، "الصوم " 1916 و"التفسير" 4509 و 4510 (م) في "الصيام " 2528 (د) في "الصوم" 2002 (ت) في "التفسير" 2896 و 2897 (أحمد) في 18561 (الدارميّ) في "الصوم" 1632. واللَّه تعالى أعلم.
(لمسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تأويل الآية المذكورة، وهو واضح؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - بين المراد بالخيط الأبيض، والخيط الأسود بأنه سو اد الليل، وبياض النهار (ومنها): حرص الصحابة في العمل بما أُمروا به فيما أنزل اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، والسؤال عما خفي عليهم وجه العمل به (ومنها): بيان أن قبائل العرب تتفاوت في لغاتها، فإن هذا الصحابي - رضي اللَّه عنه - لم يعرف استعمال الخيط الأبيض والأسود للمعنى المقصود في الآية حتى بيّن له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (ومنها): جواز التوبيخ بالكلام النادر الذي يسير، فيصير مثلاً بشرط صحة القصد،
ووجود الشرط عند أمن الغلوّ في ذلك، فإنه مزلّة القدم؛ إلا لمن عصمه اللَّه تعالى. كذا قال ابن المنيّر -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): أخرج الشيخان، والمصنف في "التفسير" من "الكبرى" عن سهل بن سعد الساعديّ - رضي اللَّه عنه - قال: "أنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ}، فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض، والخيط الأسود، ولم يزل يأكل حتى يتبيّن له رؤيتهما، فأنزل اللَّه بعدُ: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنه إنما يَعنِي الليل والنهار". (¬2)
قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: حديث عديّ يقتضي أن قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} نزل
¬__________
(¬1) - انظر "صحيح ابن حبّان بترتيب ابن بلبان" بتحقيق الأرنؤوط ج 8 ص 242 - 243 رقم 3463.
(¬2) - انظر "صحيح البخاريّ" رقم 1917 نسخة "الفتح" و "صحيح مسلم" رقم 2529 و 2530 نسخة شرح النووي. و "السنن الكبرى" للمصنّف 11022.

الصفحة 386