كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 20)

"الإصابة": إنه ثابت بن الدحداح، وأفاد أن الذي لا يعرف اسمه هو أبو الدحداح الأنصاريّ، حليف لهِم، وأنه عاش إلى زمن معاوية. وقال في حرف الثاء: ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غَنْم بن إياس، حليف الأنصار، وكان بَلَويّا، حالف بني عمرو بن عوف، ويقال: ثابت بن الدحداحة، ويكنى أبا الدحداح، وأبا الدحداحة. وروى الطبرانيّ من طريق ابن إسحاق: حدثني ابن يسار، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: "رأيت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في جنازة ثابت بن الدحداح ... " الحديث. وهو في "صحيح مسلم" من حديث جابر بن سمرة، لكنه لم يسمه، قال: "صلينا على ابن الدحداح ... "، وفي رواية: "على أبي الدحداح ... ". وروى الباورديّ من طريق ابن إسحاق: حدثني محمد بن أبي عدي، عن عكرمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: أن ثابت بن الدحداحة، سأل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فنزلت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} الآية [البقرة: 222]. وقال الواقديّ في "غزوة أحد": حدثني عبد اللَّه بن عمارة الخطميّ، قال: أقبل ثابت بن الدحداحة يوم أحد، فقال: يا معشر الأنصار، إن كان محمد قُتل، فإن اللَّه حيّ لا يموت، فقاتلوا عن دينكم، فحمل بمن معه من المسلمين، فطعنه خالد، فأنفذه، فوقع ميتًا. قال الواقديّ: وبعض أصحابنا يقول: إنه جُرح، ثم برأ من جراحته، ومات بعد ذلك على فراشه، مرجع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من الحديبية، فاللَّه أعلم انتهى.
(فَلَمَّا رَجَعَ أُتِيَ بِفَرَسِ) بالبناء للمفعول (مُغرَوْرًى) -بضم الميم، وسكون العين، وفتح الراء- أي بفرس عُرْيٍ، قال أهل اللغة: اعرَوْرَيتُ الفرسَ: إذا ركبته عُرْيًا، فهو مُعْرَوْرًى، قالوا: ولم يأتَ افعَوْلَى مُعَدًّى, إلا قولهم: اعرَوريت الفرسَ، واحْلَوْلَيتُ الشرابَ. قاله النوويّ.
وفي نسخة: "مُعْرَوْرِ" بصيغة اسم الفاعل، والظاهر أنه غلط، لأن "اعرورى" متعدّ، كما مرّ آنفًا، فلا يصحّ أن يوصف الفرسُ باسم فاعله، وإنما يوصف باسم مفعوله. واللَّه تعالى أعلم.
(فَرَكِبَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَمَشَيْنَا مَعَهُ) وفي نسخة: "خلفه". وفي رواية لمسلم: "ونحن نمشي حوله". وفي رواية له، من طريق محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: "صلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - على ابن الدحداح، ثم أُتي بفرس عُرْيٍ، فعقله له رجل، فركبه، فجعل يتوقّص به، ونحن نتبعه، نسعى خلفه، قال: فقال رجل من القوم: إن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "كم من عِذْق معلّق -أو- مُدَلًّى في الجنّة لابن الدحداح". أو قال شعبة: "لأبي الدحداح".
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: قالوا: سببه أن يتيمًا خاصم أبا لبابة نخلة، فبكى الغلام، فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - له: "أعطه إياها، ولك بها عَذْقٌ في الجنّة"، فقال" لا، فسمع بذلك أبو الدحداح، فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له، ثم قال للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: ألي بها عذق،

الصفحة 6