كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 20)

كوفيان، وسليمان دمشقي، والباقون مكيون. (ومنها): أن فيه جابرًا - رضي اللَّه تعالى - عنه من المكثرين السبعة، روى (1540) حديثًا.
شرح الحديث
(عَنْ جَابِرٍ) - رضي اللَّه عنه -، وفي رواية لمسلم: "عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللَّه، يقول: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - .... "، فصرّح كلٌّ من ابن جريج، وأبي الزبير بالسماع، فزال عنهما تهمة التدليس (قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقَبْرِ) قيل: يحتمل أن المراد البناء على نفس القبر؛ ليُرفَع عن أن يُنال بالوطىء، كما يفعله كثير من الناس، أو البناء حوله. نقله السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في شرحه (¬1).
وقال التوربشتيّ: البناء يحتمل وجهين: البناء على القبر بالحجارة، أو ما يجري مجراها. والآخر أن يُضرب عليها خباء، ونحوه، وكلاهما منهيّ عنه انتهى.
وقال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: فيه دليل على تحريم البناء على القبر، وفصل الشافعي، وأصحابه، فقالوا: إن كان البناء في ملك الباني، فمكروه، وإن كان في مَقْبَرَة مُسَبَّلَة فحرام، قال الشوكاني: ولا دليل على هذا التفصيل انتهى (¬2).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: اعتراض الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- المذكور في محلّه، فليس لنا دليل يخصص جواز بعض أنواع البناء، دون بعض، فالأرجح عدم جواز البناء مطلقًا، لإطلاق النصّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
(أَوْ يُزَادَ عَلَيْهِ) بأن يزاد على التراب الذي خرج منه، أو يزاد طولَا، وعرضًا عن قدر جسد الميت. وقيل: المراد بالزيادة عليه أن يقبر ميت على ميت آخر (¬3).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الأخير بعيد عن سياق الحديث، واللَّه تعالى أعلم.
(أوْ يُجَصَّصَ) قال في "المصباح": الْجِصّ بكسر الجيم معروف، وهو معرّب؛ لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة عربيّة، ولهذا قيل: الإجّاص معرّب، وجَصّصت الدار عملتها بالجصّ، قال في "البارع": قال أبو حاتم: والعامّة تقول: الجَصّ بالفتح،
¬__________
(¬1) - "شرح السندي" ج 4 ص 86.
(¬2) - "نيل الأوطار" ج 4 ص 104.
(¬3) - انظر "نيل الأوطار" ج 4 ص 105.

الصفحة 9