كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 21)

الرواية الآتية من طريق أبي العباس الشاعر، عن عبد اللَّه بن عمرو ما يوضّح ذلك، ولفظه: "اقرإ القرآن في شهر، قلت: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم أزل أطلب إليه، حتى قال: في خمسة أيام" ... " الحديث.
وفي رواية الدارميّ في "مسنده" من طريق أبي فروة (¬1)، عن عبد اللَّه بن عمرو: قال: "قلت: يا رسول اللَّه في كم أختم القرآن؟ قال: اختمه في شهر، قلت: إني أطيق، قال: اختمه في خمسة وعشرين، قلت: إني أطيق، قال: اختمه في عشرين، قلت: إني أطيق، قال: اختمه في خمس عشرة، قلت: إني أطيق، قال: اختمه في خمس، قلت: إني أطيق، قال: لا".
وفي رواية: "قال: فاقرأه في كلّ شهر، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: فاقرأه في كلّ عشرة أيام، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: فاقرأه في كلّ ثلاث".
وعند أبي داود والترمذيّ مصححًا من طريق يزيد بن عبد اللَّه بن الشّخّير، عن عبد اللَّه ابن عمرو، مرفوعًا: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث"، وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود: "اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في أقلّ من ثلاث"، ولأبي عبيد من طريق الطيب بن سلمان، عن عمرة، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -: "أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كان لا يختم القرآن في أقلّ من ثلاث".
ولأبي داود، والترمذيّ، والنسائيّ من طريق وهب بن منبه، عن عبد اللَّه بن عمرو أنه سأل رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في كم يقرأ القرآن؟ قال: "في أربعين يومًا"، ثم قال: "في شهر"، ثم قال: "في عشرين"، ثم قال:"في خمس عشرة"، ثم قال: "في عشر"، ثم قال: "في سبع"، ثم لم ينزل عن سبع.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وهذا إن كان محفوظًا احتمل في الجمع بينه، وبين رواية أبي فَرْوة تعدد القصّة، فلا مانع أن يتعدد قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لعبد اللَّه بن عمرو ذلك تأكيدًا، ويؤيده الاختلافُ الواقع في السياق.
[تنبيه]: قراءة القرآن في ثلاث هو اختيار أحمد، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، وثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤو القرآن في دون ذلك، قال النوويّ: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم، وتدقيق الفكر استُحبّ له أن يقتصر على القدر الذي لا يُخلّ به المقصود، من التدبّر، واستخراج المعاني،
¬__________
(¬1) - أبو فروة اسمه عروة بن الحارث، الهمدانيّ الكوفيّ ثقة من الخامسة.

الصفحة 311