كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 21)

شرح الحديث
(عَنْ أَبِي ذَرٍّ) جندب بن جُنادة - رضي اللَّه عنه -، أنه (قَالَ: أَوْصَانِي) أي عَهِدَ إليّ، وأمرني به، يقال: أوصاه، ووصّاه: عَهِدَ إليه. قاله في "القاموس". وفي "المصباح": وأصيته بالصلاة: أمرته بها، وعليه قوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، أي يأمركم انتهى (حَبِيبِي) وفي نسخة: "خليلي" (- صلى اللَّه عليه وسلم - بِثَلاَثَةٍ) أي بثلاثة أمور (لَا أَدَعُهُنَّ) أي لا أتركهنّ (إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى أَبَدًا) علّقه بالمشيئةَ، عملاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (أَوْصَانِي بِصَلاةِ الضُّحَى) أي بأداء الصلاة النافلة في وقت الضحى (وَبِالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ) أي خوفًا من أن يفوته، وفيه أن من خاف فوت الوتر يصليه قبل النوم (وَبصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) وهذا يعم كونها أيام البيض، وغيرها، لكن كونها البيض أولى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- 81/ 2404 - وفي "الكبرى" 81/ 2712. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2405 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ, قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي, قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَمْزَةَ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ هِلاَلٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِثَلاَثٍ: بِنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ, وَالْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ, وَصَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
قال الجَامع عفا اللَّه تعالى عنه: "محمد بن علي بن الحسن": هَو المروزيّ، ثقة [11].
و"أبوه": هو عليّ بن الحسن بن شقيق، أبو عبد الرحمن المروزيّ، ثقة حافظ، من كبار [10]. و" أبو حمزة": هو محمد بن ميمون السكّريّ. و"عاصم": هو ابن بَهْدلة.
[تنبيه]: وقع في رواية الأسود بن هلال هذه "والغسل يوم الجمعة" بدل "صلاة الضحى"، وكذا وقع في رواية الحسن البصريّ، عن أبي هريرة عند أحمد وهي رواية شاذّة، والمحفوظ "صلاة الضحى"، كما هو عند جمهور الرواة عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -.
وقد نبّه على هذا بالنسبة لرواية الحسن قتادة أحد رواته عن الحسن، فقال بعد روايته الحديث: ما نصّه: ثم أوهم الحسن، فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة. راجع "مسند أحمد" في ج 2 ص 271 و 489.
ووقع أيضا في بعض نسخ "المجتبى" في 28/ 1678 - "وركعتي الفجر" بدل "وركعتي الضحى"، وهو أيضًا شاذّ، وقد نبّهت عليه هناك، فراجعه تستفد.

الصفحة 329