كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 21)

والثمار، فهذا تجب الزكاة فيه لوجوده. (والثاني): ما هو مُرَصَّدٌ للنماء، كالدراهم، والدنانير، وعروض التجارة، والماشية، فهذا يُعتبر فيه الحول، فلا زكاة في نصابه حتى يحول عليه الحول، وبه قال الفقهاء كافّةً، قال: وقال ابن مسعود، وابن عباس - رضي اللَّه عنهم -: تجب الزكاة فيه يوم ملك النصاب، قال: فإذا حال الحول وجبت زكاة ثانية. (¬1).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: مذهب الجمهور، في اشتراط الحول عندي هو الأرجح؛ للآثار الصحيحة المذكور، والحديث المذكور صحيح موقوفًا، لكن الموقوف في مثل هذا في حكم المرفوع، وأما رفعه فضعيف. وقد صححه بعض أهل العلم من المعاصرين، وفيه نظر لا يخفى، لأن فيه عنعنة أبي إسحاق السبيعيّ، وهو معروف بالتدليس، وأن جرير بن حازم خالف الثقات في رفعه، فقد رواه الثوريّ، وشريك، وزكريا بن أبي زائدة، وغيرهم عن أبي إسحاق عن عليّ موقوفًا (¬2).
وفيه علّة أخرى، نبّه عليها ابن الموّاق، وهي أن جرير بن حازم لم يسمعه من أبي إسحاق، فقد رواه الحفّاظ أصحاب ابن وهب: سحنون، وحرملة، ويونس، وبحر بن نصر، وغيرهم عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، والحارث بن نبهان، عن الحسن بن عمارة، عن أبي إسحاق، فذكره. ذكره الحافظ في "التلخيص الحبير" (¬3).
وهذه العلة بمفردها تكفي، فإن الحسن بن عمارة متروك الحديث.
وقد روي الحديث أيضًا عن ابن عمر، وعائشة، بأسانيد ضعيفة، لا تصلح للاحتجاج بها، ولا للاستشهاد.
والحاصل أن الاعتماد في المسألة على الآثار الصحيحة المتقدّمة، لا على المرفوع، كما نبّه عليه البيهقيّ -رحمه اللَّه تعالى-، فيما تقدّم من كلامه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2436 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ, قَالَ: سَمِعْتُ بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ, يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ, قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ, مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهِنَّ, لأَصَابِعِ يَدَيْهِ, أَنْ لاَ آتِيَكَ, وَلاَ آتِيَ دِينَكَ, وَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً, لاَ أَعْقِلُ شَيْئًا, إِلاَّ مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-, وَرَسُولُهُ, وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَحْيِ اللَّهِ, بِمَا بَعَثَكَ رَبُّكَ إِلَيْنَا؟ , قَالَ: «بِالإِسْلاَمِ» , قُلْتُ: وَمَا آيَاتُ الإِسْلاَمِ؟ , قَالَ: «أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ إِلَى اللَّهِ, وَتَخَلَّيْتُ, وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ, وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ»).
¬__________
(¬1) -"المجموع" ج5 ص 327 - 328.
(¬2) - راجع "الإرواء" للشيخ الألبانيّ ج3 ص 256 - 257.
(¬3) - "التلخيص الحبير" ج 2 ص 337.

الصفحة 377