كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 21)

5 - (جدّه) معاوية بن حَيْدَة بن معاوية بن قُشير بن كعب بن رَبيعة بن عامر بن صَعْصَعة القشيريّ، نزل البصرة. روى عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - وعنه ابنه حكيم، وعُروة بن رُوَيم اللَّخْميّ، وحميد المزنيّ. قال ابن سعد: وَفَد على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -،وصحبه. وقال ابن الكلبيّ: أخبرني أبي أنه أدركه بخُرَاسان، ومات بها. وذكر الحاكم أبو عبد اللَّه، وتبعه ابن الصلاح أنه تفرّد بالرواية عنه ابنه. لكن فيه نظر، فقد مرّ آنفًا أنه رَوى عنه عروة بن رُوَيم، وحميد المزني.
علّق له البخاريّ، وروى له الأربعة، وروى له المصنف في هذا الكتاب بالأرقام المذكورة أيضًا. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
منها: أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين. (ومنها): أن فيه رواية الراوي، عن أبيه، عن جدّه. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
عن معاوية بن حيدة - رضي اللَّه عنه -، أنه قال: (قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا أَتَيْتُكَ) "ما" نافية، أي لم أجىء إليك (حَتْى حَلَقْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهِنَّ، لِأَصَابعِ يَدَيْهِ) يريد أن ضمير "عددهنّ" لأصابع يديه، وفي رواية أحمد عن يحيى بن سعيد، عن بهزة: "واللَّه ما أتيتك، حتى حلفت أكثر من عدد أُولاء، وضرب إحدى يديه على الأخرى" (أَنْ لَا آتِيَكَ، وَلَا آتِيَ دِينَكَ) يريد أنه كان كارهًا للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولدين الإسلام، إلا أن اللَّه تعالى من عليه، فهداه للإسلام، فجاء، مسترشدًا، وطالبًا معرفة حقيقة الأمر الذي جاء به النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً) الظاهر أن "كان" هنا زائدة، والمراد أني في الحال لا أعقل شيئًا الخ. وليس المراد أنه كان في سالف الزمان كذلك، ومقصوده أنه ضعيف الرأي، عقيم النظر، فينبغي للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يجتهد في تعليمه، وتفهيمه. قاله السنديّ (¬1).
(لَا أَعْقِلُ شَيْئًا، إِلاَّ مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَرَسُولُهُ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَإِنِّي أَسْاَلُكَ بِوَحيِ اللَّهِ) وفي "الكبرى": "بوجه اللَّه"، وأشار في هامش "الهندية" أنه هكذا في بعض نسخ "المجتبى"، وهو الذي ترجم عليه في الرواية الآتية -73/ 2568 - باب "من سأل بوجه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-" (بِمَا بَعَثَكَ رَبُّكَ إِلَيْنَا؟) وفي "الكبرى" "بم بعثك الخ"، بحذف الألف، وهو البخاريّ على غالب الاستعمال، لأن "ما" الاستفهامية إذا جرّت تُحذفُ ألفها غالباً،
¬__________
(¬1) - "شرح السنديّ" ج 5 ص 4 - 5.

الصفحة 379