كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 21)

المعدة، وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغيرّ. وقال البَرْقيّ: هو تغيّر طعم الفم، وريحه لتأخّر الطعام. وقال عياض: هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهه؛ لخلوّ المعدة من الطعام (¬1).
[تنبيه]: "الخلوف" بالضبط المذكور هو المشهور في الرواية، وومع عند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "لَخُلُف" بحذف الواو، قال العينيّ: والظاهر أنه جمع خلفَة- بالكسر. وقال ابن الأثير: الخِلْفة -بالكسر- تغيّر ريح الفم، وأصلها في النبات أن ينبت الشىء بعد الشيء؛ لأنها رائحه بعد الرائحة الأولى، وروي في غير البخاريّ بهذه اللفظة، أعني "خِلْفَة" انتهى (¬2).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -. هذه الرواية ستأتي للمصنف في الباب التالي رقم - 2219 - ولفظه: "والذي نفس محمد بيده لَخِلْفَة فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك". واللَّه تعالى أعلم.
[فائدة]. قوله: "فم الصائم" فيه ردّ على أبي عليّ الفارسي في قوله: إن ثبوت الميم في "الفم" خاصّ بضرورة الشعر (¬3)، فقد ثبت في هذا الحديث في الاختيار، وأما في الشعر فقد ثبت في قوله [من الرجز]:
كَالْحُوتِ لاَ يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهُ ... يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُة
(أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكٍ") وفي لفظ مسلم، والنسائيّ (¬4). "أطيب عند اللَّه يوم القيامة".
وقد وقع اختلاف بين الإمامين: أبي عمرو بن الصلاح، ومحمد بن عبد السلام -رحمهما اللَّه تعالى-، فذهب الأول إلى أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة، وذهب الثاني إلى أنه في الآخرة خاصّة، مستدلًا بهذه الرواية.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه ابن الصلاح هو الأرجح، وقد ذكرت تحقيق ذلك في أوائل هذا الشرح، في شرح حديث: "لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" برقم -7/ 7 - فراجعه تستفد، واللَّه تعالى ولي التوفيق، وهو المستعان، وعليه التكلان.
¬__________
(¬1) - راجع" المرعاة" ج 6 ص 408 - 409.
(¬2) - راجع "عمدة القاري" ج 9 ص 29.
(¬3) - راجع "طرح التثريب" ج 4 ص 95.
(¬4) - ستأتي للمصنف في الباب التالي برقم 2216.

الصفحة 67