كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 23)

طاهر في "المبهمات" بأنه اسم الجهنيّة المذكورة في حديث الباب.
وقد روى النسائيّ، وابن خزيمة، وأحمد من طريق موسى بن سلمة الْهُذليّ، عن ابن عباس، قال: "أمرت امرأة سنان بن عبد اللَّه الجهنيّ أن يسال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن أمها توفيت، ولم تحُجّ ... " الحديث، لفظ أحمد. ووقع عند النسائيّ "سنان بن سلمة"، والأول أصحّ. وهذا لا يفسّر به المبهم في حديث الباب أن المرأة سألت بنفسها، وفي هذا أن زوجها سأل لها. ويمكن الجمع بأن يكون نسبة السؤال إليها مجازيّة، وإنما الذي تولّى لها السؤال زوجها، وغايته أنه في هذه الرواية لم يصرّح بأن الحجة المسؤول عنها كانت نذرًا.
وأما ما روى ابن ماجه من طريق محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عبّاس، عن سنان بن عبد اللَّه الجهنيّ أن عمّته حدّثته أنها أتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت: إن أمي توفّيت، وعليها مشي إلى الكعبة نذرًا ... " الحديث. فإن كان محفوظًا حُمل على واقعتين بأن تكون امرأته سألت على لسانه عن حجة أمها المفروضة، وباْن تكون عمته سألت بنفسها عن حجة أمها المنذورة، ويفسّر من في حديث الباب بأنها عمة سنان، واسمها غايثة، كما تقدّم، ولم تسمّ المرأة، ولا العمّة، ولا أمّ واحدة منهما انتهى ما في "الفتح" (¬1).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ظاهر تصرف المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- أنه يرى تعدد القصّتين، حيث ترجم بقوله: "الحجّ عن الميت الذي نذر أن يحجّ"، وأورد حديث ابن عناس في قصّة المرأة التي نذرت، ثم ترجم بقوله: "الحجّ عن الذي لم يحجّ"، فأورد حديثه في التي ماتت، ولم تحُجّ"، فجعل الباب الأول للحجّ عمن مات بعد النذر، والباب الثاني عمن مات، ولم ينذر، وصنيعه هو الظاهر. والحاصل أن القصّتين مختلفتان، ولا مانع من ذلك. واللَّه تعالى أعلم.
(فَمَاتَتْ، فَاتى أخُوهَا النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَسَألَهُ) أشار الحافظ إلى ترجيح كون السائل امرأة، في "كتاب الأيمان والنذور" من "الفتح"، فراجعه في 13/ 445. واللَّه تعالى أعلم.
(عَنْ ذلِكَ؟) أي عن قضاء ما نذرت به، وماتت قبل الوفاء بنذهار (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أُخْتِكَ دَيْنٌ) فيه مشروعية القياس، وضرب المثل؛ ليكون أوضح، وأوقع في نفس السامع، وأقرب إلى سرعة فهمه (أكُنْتَ قَاضِيَهُ؟) أي الدين (قَالَ) الرجل (نَعَمْ)
¬__________
(¬1) - "فتح" ج 4 ص 543 - 544.

الصفحة 327