كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 23)

أي أقضيه (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَاقْضُوا اللَّه) أي أدّوا إليه ما وجب علكيم من حقّه (فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ) الفاء تعليليّة؛ لأنه أحقّ بالوفاء من غيره.
قال الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: في الحديث إشعارٌ بأن المسؤول عنه خلف مالاً، فأخبره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -أن حقّ اللَّه مقدّم على حقّ العباد، وأوجب عليه الحجّ عنه، والجامع علّة المالية.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ولم يتحتّم في الجواب المذكور أن يكون خلف مالاً كما زعم؛ لأن قوله: "أكنت قاضيه" أعمّ من أن يكون المراد مما خلفه، أو تبرّعًا
انتهى (¬1). وهو تعقُّبٌ جيّد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-7/ 2632 و 8/ 2633 - وفي "الكبرى" 7/ 3612 و 8/ 3613. وأخرجه (خ) في "الحجّ" 1852 و"الأيمان والنذور" 6699 و"الاعتصام بالكتاب والسنّة" 7315 (أحمد) في "مسند بني هاشم" 2141 و 2514. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز الحجّ عن الميت الذي نذر أن يحجّ، ثم مات قبل الوفاء بنذره، وفيه اختلاف بين أهل العلم، فروى سعيد بن منصور وغيره، عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - بإسناد صحيح: لا يحجّ أحد عن أحد، ونحوه عن مالك، والليث، وعن مالك أيضًا إن أوصى بذلك، فليحجّ عنه، وإلا فلا، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى.
(ومنها): صحّة نذر الحجّ ممن لم يحجّ، فإذا حجّ أجزأه عن حجة الإسلام عند الجمهور، وعليه الحجّ عن النذر. وقيل: يجزئ عن النذر، ويحجّ حجة الإسلام. وقيل: يُجزىء عنهما (¬2).
(ومنها): إثبات القياس (ومنها): تشبيه ما اختُلف فيه، وأشكل بما اتُّفِقَ عليه
¬__________
(¬1) - "فتح" ج 4 ص 545.
(¬2) - "فتح" ج 4 ص 544.

الصفحة 328