كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 23)

بالمراحل (10)، وبالفراسخ (80) وبالأميال (240) وبالكيلوات (430) والمرحلة هي مسيرة يوم وليلة يسير الإبل المحمّلة الأثقال سيرًا معتادًا، ويقدّر بها العرب الأوائل، فأخذها عنهم العلماء. انتهى.
وزاد في "توضيح الأحكام": وتبلغ المسافة بينها وبين المسجد النبويّ (13) كيلاً، وهي أبعد المواقيت انتهى (¬1).
(وَأَهْلُ الشَّامِ) هي بلاد معروفة، وهي من العَرِيش إلى بالس. وقيل: إلى الفرات. قاله النوويّ في "شرح سنن أبي داود". وقال السمعانيّ: هي بلاد بين الجزيرة والغور إلى الساحل، ويجوز فيها التذكير والتأنيث، والهمز وتركه، وأما شآم بفتح الهمزة والمدّ، فأباه أكثرهم، إلا في النسب (¬2) (مِنَ الْجُحْفَةِ) أي يُهلّ أهل الشام، وكذا من سلك طريقهم من الموضع المسمّى بالحجفة. وهي بضمّ الجيم، وإسكان الحاء المهملة، وفتح الفاء قرية كبيرة كانت عامرة، ذات منبر، وهي الآن خربة، بينها وبين البحر الأحمر بالأميال (6) وبالكيلوات (10). قال ابن حزم: وهي فيما بين المغرب والشمال من مكّة، ومنها إلى مكة اثنان وثمانون ميلاً.
وقال في "تيسير العلاّم": تبعد من مكة بالمراحل (5) وبالفراسخ (4) وبالأميال (120) وبالكيلوات (201) ويحرم منها أهل مصر، والشام، والمغرب، ومن ورائهم، من أهل الأندلس، والروم، والتكرور. قيل: إنها ذهبت أعلامها, ولم يبق إلا رسوم خفيّة، لا يكاد يعرفها إلا سكّان بعض البوادي، فلذا -واللَّه تعالى أعلم- اختار الناس الإحرام احتياطاً من المكان المسمّى برابغ -براء، وموحّدة، وغين معجمة، بوزن فاعل- لأنها قرية قبل حذائها بقليل. وقيل: لا يحرمون من الجحفة لوخمها، وكثرة حُمّاها، فلا ينزلها أحد إلا حُمّ، وسمّاها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في حديث ابن عمر عند الشيخين "مَهيَعَة" -بفتح الميم، وإسكان الهاء، وفتح التحتانيّة، والعين المهملة، بوزن عَلْقَمة-. وقيل: -بكسر الهاء، مع إسكان الياء، على وزن لَطِيفة- والصحيح المشهور الأول.
وسمّيت الحجفة لأن السيل أجحف بها. قال ابن الكلبيّ: كان العماليق يسكنون يثرب، فوقع بينهم وبين بني عَبِيل -بفتح الموحّدة- وهم إخوة عاد حربٌ، فأخرجوهم من يثرب، فنزلوا مهيعة، فجاء سيل، فاجتحفهم، أي استأصلهم، فسميت جحفة (¬3).
¬__________
(¬1) - "توضيح الأحكام" ج 3ص 275.
(¬2) - "طرح التثريب" ج 5ص 9 - 10.
(¬3) - راجع "الفتح" ج 4ص 161.

الصفحة 369