كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 23)

والثالث الموصَى له (¬1).
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ويحتمل أن يكون بعضها وصيّةً، وبعضها إقرارًا، وقد وقع في رواية ابن المبارك، عن سفيان، عند الإسماعيليّ: قلتَ: اصنعوا لفلان كذا، وتصدّقوا بكذا". ووقع في حديث بُسْر بن جِحَاش -بضمّ الموحّدة، وسكون المهملة- وأبوه بكسر الجيم، وتخفيف المهملة، وآخره شينٌ معجمة- عند أحمد، وابن ماجه، بإسناد صحيح، واللفظ لابن ماجه: "بزق النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في كفّه، ثمّ وضع إصبعه السبّابة، وقال: يقول اللَّه أَنَّى تُعجزني ابنَ آدم، وقد خلقتك من قبلُ، من مثل هذه، فإذا بلغت نفسك إلى هذه- وأشار إلى حلقه- قلت: أتصدّق، وأنّى أوانُ الصدقة؟ ". وزاد في رواية أحمد: "حتى إذا سوّيتك، وعدلتك، مشيت بين بُردين، وللأرض منك وئيدٌ (¬2)، وجمعتَ، ومنعتَ، حتى إذا بلغت التراقي، قلت: لفلان كذا، وتصدّقوا بكذا". أفاده في "الفتح" (¬3). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-60/ 2542 وفي "كتاب الوصايا" 1/ 2637 - وفي "الكبرى" 62/ 2322 وفي "كتاب الوصايا" 1/ 6438. وأخرجه (د) في "الزكاة" 1330 وفي "الوصايا" 2543 (م) في "الزكاة" 1713 و 1714 (د) في "الوصايا" 2481 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 6862 و 7100 و 9009 و 9392. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما بوّب له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواب سؤال من سأل أيّ الصدقة أفضل؟، وهو أنه ما كان في حال الصحّة.
(ومنها): أن تنجيز الصدقة، ووفاء الدين في الحياة، وحال الصحّة أفضل منه بعد الموت، وفي المرض، كما أشار النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "وأنت صحيحٌ، شحيحٌ،
¬__________
(¬1) - هكذا نقل في "الفتح" عبارة الكرماني، لكن الذي في شرح الكرماني أن الثالث هو المورّث، لأنه بعد نقل كلام الخطابي أن الأولين كناية عن المُوصَى له، والثالث عن الوارث، وذكر احتمال كونه أي الثالث كناية عن المورث، وهذا أقرب مما نقله في "الفتح" انظر "شرح الكرماني" جـ 7 ص 188 - 189.
(¬2) - الوئيد: صوت شدّة الوطء على الأرض.
(¬3) - راجع "الفتح" ج 6 ص 26. ونقلته بتصرّف.

الصفحة 8