كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

بعض الروايات بلفظ "ويحك" بدل "ويلك". قال الهرويّ: "ويل" يقال لمن وقع في هلكة يستحقّها، و"ويح" لمن وقع في هلكة لا يستحقّها انتهى (¬1) (فِي الثَّانِيَةِ، أوْ فِي الثَّالِثَةِ) ووقع في رواية همام عند مسلم: "ويلك اركبها، ويلك اركبها". ولأحمد من رواية عبد الرحمن بن إسحاق، والثوريّ، كلاهما عن أبي الزناد، ومن طريق عجلان، عن أبي هريرة، قال: "اركبها ويحك"، قال: إنها بدنة، قال: "اركبها ويحك". زاد أبو يعلى من رواية الحسن: "فركبها"، إلا أنها ضعيفة. وللبخاريّ من طريق عكرمة، عن أبي هريرة - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فلقد رأيته راكبها، يساير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والنعل في عنقها".
قال الحافظ: وتبيّن بهذه الطرق أنه أطلق البدنة على الواحدة من الإبل المهداة إلى البيت الحرام، ولو كان المراد مدلولها اللغويّ لم يحصل الجواب بقوله: إنها بدنة؛ لأن كونها من الإبل معلوم، فالظاهر أن الرجل ظنّ أنه خفي كونها هديًا، فلذلك قال: إنها بدنة. والحقّ أنه لم يخف ذلك على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - لكونها كانت مقلّدة، ولهذا قال له لما زاد في مراجعته: "ويلك" انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -74/ 2799 - وفي "الكبرى" 73/ 3781. وأخرجه (خ) في "الحجّ" 1689 و 1706 و"الوصايا" 2755 و"الأدب" 6160 (م) في "الحج" في "الحج" 1322 (د) في "المناسك" 1760 (ق) 3103 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 7404 و 7679 و 27339 و 9663 و 9777 و 9836 و 9873 و 9942 و 10188 (الموطأ) في "الحج" 848. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعية ركوب البدنة، مطلقًا، سواء كان واجبًا، أو متطوعًا به؛ لكونه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يستفصل صاحب الهدي عن ذلك، فدلّ على أن ذلك لا يختلف بذلك. وأصرح من هذا ما أخرجه أحمد من حديث عليّ: "أنه سئل، هل يركب الرجل هديه؟ فقال: لا بأس، قد كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يمرّ
¬__________
(¬1) -"فتح" 4/ 356 - 357.

الصفحة 321