كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- من وجوب الركوب عند شدة الحاجة حسنٌ جدًّا.
والحاصل أن ركوب الهدي بالمعروف جائز عند الاضطرار حتى تزول الضرورة، والدليل على اعتبار هذه القيود حديث جابر - رضي اللَّه عنه - عند مسلم، والآتي للمصنّف بعد باب: "اركبها بالمعروف إذ أُلجئت إليها حتى تجد ظهرًا"، فإن مفهومه أنه يركبها بلا إلحاق ضرر بها، إذا كان هو مضطرًّا لركوبها، وأنه إذا وجد غيرها تركها. ثم إنه إذا كان يخاف على نفسه إن لم يركب كان ركوبها واجبًا عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[تنبيه]: قال في "الفتح": واختلف المجيزون، هل يحمل عليها متاعه؟ فمنعه مالك، وأجازه الجمهور. وهل يحمل عليها غيره؟ أجازه الجمهور أيضًا على التفصيل المتقدّم. ونقل القاضي عياض الإجماع على أنه لا يؤجرها. وقال الطحاويّ في "اختلاف العلماء": قال أصحابنا، والشافعيّ: إن احتلب منها شيئًا تصدّق به، فإن أكله تصدّق بثمنه، ويركب إذا احتاج، فإن نقصه ذلك ضمن. وقال مالك: لا يشرب من لبنه، فإن شرب لم يَغرَم، ولا يركب إلا عند الحاجة، فإن ركب لم يغرم. وقال الثوريّ: لا يركب إلا إذا اضطرّ. انتهى (¬1). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
2800 - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (¬2) عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, رَأَى رَجُلاً يَسُوقُ بَدَنَةً, فَقَالَ: «ارْكَبْهَا» , قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ, قَالَ: «ارْكَبْهَا» , قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَةٌ, قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: «ارْكَبْهَا وَيْلَكَ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، و"إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه. و"عبدة": هو ابن سليمان. و"سعيد": هو ابن أبي عروبة.
والحديث متفق عليه، أخرجه المصنف هنا -74/ 2800 و 75/ 2801 - وفي "الكبرى" 73/ 3782 و 74/ 3783. وأخرجه (خ) في 1695 "الحجّ" و 2754 "الوصايا" و"الأدب" 6159 (م) في "الحج" 1322، وشرحه يعلم من شرح حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - الماضي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
¬__________
(¬1) - "فتح" 4/ 356.
(¬2) وفي نسخة: "أخبرنا".

الصفحة 325