كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح. و"محمد" شيخ ابن بشار: هو ابن جعفر، غندر.
و"مسلم القُرّيّ": هو مسلم بن مخراق العبديّ الْقُرّيّ -بضمّ القاف، وتشديد الراء- مولى بني قُرّة، ويقال: المازنيّ الْعُرْيانيّ، أبو الأسود البصريّ العطّار، ويقال: إنهما اثنان، صدوق [4].
قال عبد اللَّه بن أحمد: سمعت أبي ذُكِرَ مسلمٌ القرّيّ، فقال: ما أرى به بأسًا. وقال أبو حاتم: شيخ. وقال النسائيّ: ثقة. وقال العجليّ: تابعيّ ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، ولكنه فرّق بين مولى بني قُرَّة المكنيّ أبا الأسود، وبذلك جزم أبو عليّ الجيّانيّ في "تقييد المهمل".
روى له مسلم، وأبوداود، والمصنّف، وله عنده في هذا الكتاب هذا الحديث فقط. وقوله: "أهلّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالعمرة" معناه أنه أدخلها على الحجّ، وليس المراد أنه أنشأ الإحرام بها؛ لأن الأحاديث الصحيحة الكثيرة دلّت على ذلك، كما تقدم بيان ذلك مفصلاً.
وقال البيهقيّ -بعد أن ذكر اختلاف الرواة في كونه - صلى اللَّه عليه وسلم - أهل بعمرة، أو بحج في حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما --: وقول من قال: إنه أهلّ بالحجّ لعله أشبه لموافقته رواية أبي العالية البرَّاء، وأبي حسّان الأعرج، عن ابن عباس في إهلال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالحجّ واللَّه أعلم انتهى (¬1).
وقوله: "أهلّ أصحابه بالحجّ" المراد غالبهم، أو بالنظر لأول أحوالهم، فإنهم ما كانوا يرون في أشهر الحجّ إلا الحجّ، حتى أمرهم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بالتحلل بعمل العمرة. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "وكان فيمن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيد اللَّه" هكذا هو في رواية المصنّف، ومسلم في "صحيحه" من طريق غندر، عن شعبة، أن طلحة كان فيمن لم يسق الهدي، وتابعه عليه روح بن عبادة، عن شعبة، عند البيهقيّ، فقال: "وكان ممن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيد اللَّه، ورجل آخر، فأحلاّ".
وخالفهما معاذُ بنُ معاذ، عن شعبة، فجعل طلحة بن عبيد اللَّه فيمن ساق الهدي، فلم يحلّ، أخرجه مسلم أيضًا من رواية عبيد اللَّه بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، وتابعه عليه أبو داود الطيالسيّ، عن شعبة، عند البيهقيّ أيضًا (¬2)، فقال: " وكان رسول اللَّه
¬__________
(¬1) - "السنن الكبرى" للبيهقي 5/ 18.
(¬2) - "السنن الكبرى" 5/ 18.

الصفحة 349