كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

- صلى اللَّه عليه وسلم -، وطلحة ممن كان معهما الهدي".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصحيح في هذا رواية معاذ بن معاذ، وأبي داود الطيالسي، أن طلحة ممن ساق الهدي، والدليل على ذلك حديث جابر - رضي اللَّه عنه - عند البخاريّ من طريق عطاء، عن جابر - رضي اللَّه عنه -، قال: "أهلّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، هو وأصحابه بالحجّ، وليس مع أحد منهم هديٌ غير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - وصلحة ... ". فهذا موافق لرواية معاذ، وأبي داود، فتترجح على رواية غندر، وروح.
والحاصل أن طلحة بن عبيد اللَّه - رضي اللَّه تعالى عنه - ممن أهدى، فلم يحلّ حتى بلغ الهدي محله. واللَّه تعالى أعلم.
[فإن قلت]: حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا مخالف لما رواه أحمد، ومسلم، وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "أن الهدي كان مع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، وذوي يسار". وفي رواية للبخاريّ من طريق أفلح، عن القاسم، بلفظ: "ورجال من أصحابه ذوي قوّة". ولمسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر أن الزبير كان ممن كان معه الهدي.
[قلت]: يجمع بينها بأن كلاّ منهم ذكر من اطلع عليه، ممن كان معه الهدي، ذكر نحو هذا الحافظ في "الفتح" (¬1).
والحاصل أن الذين كان معهم الهدي جماعة، كهؤلاء المذكورين، لكنهم بالنسبة لمن لم يكن معه قلّة. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "ورجل آخر" لم يسمّ ذلك الرجل، فاللَّه تعالى أعلم.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم الكلام في تخريجه في الذي قبده. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2815 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الْحَكَمِ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «هَذِهِ عُمْرَةٌ, اسْتَمْتَعْنَاهَا, فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ هَدْيٌ, فَلْيَحِلَّ الْحِلَّ كُلَّهُ, فَقَدْ دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وهم المذكورون في السند الماضي، غير الحكم بن عتيبة، ومجاهد بن جبر.
وقوله: "دخلت العمرة في الحجّ". أي في جواز فسخ الحجّ بالعمرة (¬2)، يعني أن نية العمرة دخلت في نية الحجّ، بحيث أن من نوى الحجّ شُرع له الفراغ منه بعمل العمرة. وهذا هو المعنى الراجح للحديث، ولذا أورده المصنّف محتجًّا به على مشروعية الفسخ.
¬__________
(¬1) - "فتح" 4/ 445.
(¬2) بل قدّمت ترجيح القول بوجوب الفسخ؛ لظهور أدلته، فلا تنس، وباللَّه تعالى التوفيق.

الصفحة 350