كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

الصحابيّ الشهير، شهد أحدًا، وما بعدها، ولم يصحّ شهوده بدرًا، مات - رضي اللَّه
تعالى عنه - سنة (54) على الأصح، تقدّم في 32/ 24. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن نافعًا ليس له في هذا الكتاب إلا هذا الحديث. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فإنه بغلانيّ، إلا أن الظاهر أنه ممن دخل المدينة للأخذ عن مشايخها. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ نَافِع، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ) وفي رواية البخاريّ من طريق سفيان بن عيينة، عن صالح ابن كيسان، عن أبي محمد، ولمسلم من طريق سفيان أيضًا عن صالح، "سمعت أبا محمد، مولى أبي قتادة"، ولأحمد من طريق سعد بن إبراهيم، "سمعت رجلاً، كان يقال له: مولى أبي قتادة، ولم يكن مولى"، أي لأبي قتادة، وفي رواية ابن أبي إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبي سلمة، أن نافعًا مولى بني غفار.
قال الحافظ: فتحصّل من ذلك أنه لم يكن مولى لأبي قتادة حقيقةً، وقد صرّح بذلك ابن حبّان، فقال: هو مولى عقيلة بنت طلق الغفارية، وكان يقال له: مولى أبي قتادة، نُسب إليه، ولم يكن مولاه.
فيحتمل أنه نسب إليه لكونه كان زوج مولاته، أو للزومه إياه، أو نحو ذلك، كما وقع لمقسم مولى ابن عباس. واللَّه أعلم انتهى (¬1).
(عَنْ أبِي قَتَادَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، (أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية عبد اللَّه ابن أبي قتادة الآتية بعد باب أن ذلك كان عام الحديبية. وروى الواقديّ أن ذلك كان في عمرة القضية. والأول أصحّ. وفي رواية للبخاريّ من طريق عثمان بن موهَب، عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، أن أباه أخبره، أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - خرج حاجًّا، فخرجوا معه ... ". فقال الإسماعيليّ: هذا غلط، فإن القصّة كانت في عمرة، وأما الخروج إلى الحجّ فكان في خلق كثير، وكان كلهم على الجادّة، لا على ساحل البحر، ولعل الراوي أراد خرج محرمًا، فعبّر عن الإحرام بالحج غلطًا.
قال الحافظ: لا غلط في ذلك، بل هو من المجاز السائغ، وأيضًا فالحجّ في الأصل قصد البيت، فكأنه قال: خرج، قاصدًا للبيت، ولهذا يقال للعمرة: الحجّ الأصغر. ثم وجدت الحديث من رواية محمد بن أبي بكر المقدّميّ عن أبي عوانة، بلفظ: "خرج
¬__________
(¬1) - "فتح" 4/ 497.

الصفحة 353