كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

وفي قوله: لم يختلفوا في صحبته نظر، فقد قال ابن منده: مختلف في صحبته. وذكره ابن حبّان في ثقات التابعين، بعد أن ذكره في الصحابة. تفرّد به المصنّف برواية حديث الباب فقط. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سباعيّات المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير الصحابيّ، فإنه من أفراده كما مرّ آنفًا. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخيه، وابن القاسم، فمصريون. (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ، عن صحابيّ، إن قلنا: إنه من مسند البهزيّ، والصحيح أنه من مسند عُمير بن سلمة، وأن قوله: "عن الهزيّ" على حذف مضاف: عن قصّة البهزيّ. (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم، عن بعض: يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة. (ومنها): أن صحابيه من المقلّين من الرواية, فليس له إلا هذا الحديث عند المصنّف فقط. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيَّ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنِ الْبَهْريِّ) أي عن قصّته، كما أسلفته آنفًا، وهو بفتح الموحدة، وسكون الهاء، بعدها زايٌ: نسبة إلى بهز، وهو اسم حيّ، كما في "القاموس". واسم البهزيّ زيد بن كعب، صحابيّ له هذا الحديث - رضي اللَّه عنه -، على ما قيل، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-.
[تنبيه]: ظاهر رواية مالك -رحمه اللَّه تعالى- هذه أنه من مسند البهزيّ، لا من مسند عمير بن سلمة.
قال الحافظ أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: لم يُختَلف على مالك في إسناد هذا الحديث، واختَلَف أصحاب يحيى بن سعيد فيه على يحيى، فرواه جماعة كما رواه مالك. ورواه حماد بن زيد، وهُشيم، ويزيد بن هارون، وعليّ بن مُسهِر، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.
والقول عندي قول من جعل الحديث لعمير بن سلمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -كما قال حماد ابن زيد، ومن تابعه. ومما يدلّ على صحة ذلك أن يزيد بن الهاد، وعبد ربّه بن سعيد رويا هذا الحديث عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن عمير بن سلمة الضمريّ، قال: "خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ... ". وفي حديث ابن الهاد: "بينما نحن مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ... ". رواه الليث بن سعد هكذا، عن يزيد بن الهاد. وقال موسى

الصفحة 363