كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

ضبطناه في الروايات "لم نردّه" بفتح الدال، وردّه محقّقو مشايخنا من أهل العربيّة، وقالوا: "لم نردُّهُ" بضم الدال، وهكذا وجدته بخطّ بعض الأشياخ أيضًا، وهو الصواب عندهم، على مذهب سيبويه في مثل هذا في المضاعف، إذا دخله الهاء أن يُضمّ ما قبلها في الأمر، ونحوه من المجزوم، مراعاة للواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها, لخفاء الهاء، فكأن ما قبلها ولي الواو، ولا يكون ما قبل الواو إلا مضمومًا. قال: وليس الفتح بغلط، بل ذكره ثعلب في "الفصيح" ء نعم تعقّبوه عليه بأنه ضعيف، وأوهم صنيعه أنه فصيح. وأجازوا أيضًا الكسر، وهو أضعف الأوجه.
هذا في المذكر، وأما في المؤنث، مثل "لم تردها" مفتوح الدال، مراعاة للألف.
وقال العينيّ: في مثل هذه الصيغة قبل دخول الهاء عليها أربعة أوجه: الفتح؛ لأنه أخف الحركات. والضمِّ؛ إتباعًا لضمة عين الفعل. والكسر؛ لأنه الأصل في تحريك الساكن. والفكّ. وأما بعد دخول الهاء فيجوز فيه غير الكسر انتهى (¬1).
قال الحافظ: ووقع في رواية الكشميهنيّ بفكّ الإدغام: "لم نردُدْهُ" بضمّ الأولى، وسكون الثانية، ولا إشكال فيه. انتهى (¬2).
(إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ) همزة "أنا" مفتوحة، على تقدير لام التعليل، أي لأنا. و"حُرُم" بضمتين: جمع حَرَام، أي محرمون.
وفي رواية صالح بن كيسان الآتي بعد هذا: "إنا حرم، لا نأكل الصيد". وفي رواية شعيب، وابن جريج عند البخاريّ: "ليس بنا ردّ عليك". وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهريّ، عند الطبرانيّ: "إنا لم نردّه عليك كراهية له، ولكنا حُرُم". وفي رواية سعيد، عن ابن عباس: "لولا أنا محرمون لقبلناه منك". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث الصعب بن جَثّامة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في ببان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -79/ 2819 و 2820 و 2821 و 2822 و 2823 - وفي "الكبرى" 78/ 3801 و 3802 و 3853 و 3804 و 3805 و 3856. وأخرجه (خ) في "الحج" 1825
¬__________
(¬1) -"عمدة القاري" 8/ 358. و"الفتح" 4/ 504.
(¬2) - "فتح" 4/ 504.

الصفحة 372