كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ, فَقَالَ: لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ, يَسْتَذْكِرُهُ, كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ, أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَهُوَ حَرَامٌ؟ , قَالَ: نَعَمْ, أَهْدَى لَهُ رَجُلٌ, عُضْوًا مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ, فَرَدَّهُ, وَقَالَ: «إِنَّا لاَ نَأْكُلُ, إِنَّا حُرُمٌ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح. و"عمرو بن عليّ": هو أبو حفص الفلاّس البصريّ. و"يحيى": هو ابن سعيد القطّان.
وقوله: "وسمعت أبا عاصم" معطوف على "سمعت يحيى"، فعمرو بن عليّ سمع من كليهما، وكان الأولى أن يعطفه بدون إعادة الفعل؛ لأنه لا حاجة إلى إعادة العامل في مثل هذا. واللَّه تعالى أعلم.
و"أبو عاصم": هو الضحاك بن مخلد النبيل. و"الحسن بن مسلم": هو ابن يَنّاق المكيّ الثقة.
وقوله: "قدم زيد بن أرقم" بفتح القاف، وكسر الدال المهملة، ولم يظهر لي من أين، وإلى أين قدومه - رضي اللَّه تعالى عنه -، فاللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "وهو حرام" بالفتح، أي محرم، من إطلاق المصدر، وإرادة اسم المفعول. وقوله: "حُرُم" بضمتين: جمع حرام. والحديث أخرجه مسلم، وقد سبق تمام البحث فيه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2823 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنِ الْحَكَمِ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ, تَقْطُرُ دَمًا, وَهُوَ مُحْرِمٌ, وَهُوَ بِقُدَيْدٍ, فَرَدَّهَا عَلَيْهِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه محمد ابن قُدامة الهاشميّ المصّيصيّ، فإنه انفرد به هو، وأبو داود، وهو ثقة. و" جرير": هو ابن عبد الحميد. و"منصور": هو ابن المعتمر. و"الحكم": هو ابن عتيبة.
[تنبيه]: كان الأولى للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- تقديم هذا الحديث، والذي بعده على حديثي زيد بن أرقم - رضي اللَّه تعالى عنه - الماضيين، لتكون أحاديث الصعب في موضع واحد. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "رِجْل حمار وحش" ولفظ مسلم: "عجز حمار وحش". وقوله: "تقطر دما" بالتاء، وإنما أنثها؛ لأن الرِّجْل مؤنثة، قال الفيّوميّ: رِجْل الإنسان التي يمشي بها من أصل الفخذ إلى القدم، وهي أنثى، وجمعها أرجل، ولا جمع لها غير ذلك انتهى. ووقع في النسخة "الهندية" "يقطر" بالياء التحتانية، وُيوَجَّهُ بأنه إنما ذكرَّه لإضافته إلى مذكر، وهو "حمار"، فاكتسب التذكير منه، كما أشار إليه ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:

الصفحة 376