كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

عبد الرحمن، عند إسحاق، ومن رواية عباد بن تميم، وسعد بن إبراهيم عند أحمد. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: تفرد معمر، عن يحيى بن أبي كثير بزيادة مضادّة لروايتي أبي حازم، كما أخرجه إسحاق، وابن خزيمة، والدارقطنيّ من طريقه، وقال في آخره: "فذكرت شأنه لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقلت: إنما اصطدته لك، فأمر أصحابه، فأكلوه، ولم يأكل منه، حين أخبرته أني اصطدته له". قال ابن خزيمة، وأبو بكر النيسابوريّ، والدارقطنيّ، والجوزقيّ: تفرّد بهذه الزيادة معمر، قال ابن خزيمة: إن كانت هذه الزيادة محفوظة احتمل أن يكون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أكل من لحم ذلك الحمار قبل أن يُعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه امتنع. انتهى.
قال الحافظ: وفيه نظر؛ لأنه لو كان حراما ما أُقرّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على أكله منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه اصطاده لأجله (¬1).
ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز، فإن الذي يحرم على المحرم إنما هو الذي يعلم أنه صيد من أجله، وأما إذا أُتي بلحم، لا يدري ألحم صيد، أو لا، فحمله على أصل الإباحة، فأكل منه، لم يكن ذلك حرامًا على الآكل.
قال: وعندي بعد ذلك فيه وقفة؛ فإن الروايات المتقدّمة ظاهرة في أن الذي تأخر هو العضد، وأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أكلها حتى تعرّقها، أي لم يُبق منها إلا العظم. ووقع عند البخاريّ في "الهبة": "حتى نفّدها"، أي فرّغها. فأيُّ شيء يبقى منها حتى يأمر أصحابه بأكله. لكن رواية أبي محمد عند البخاريّ في "الصيد": "أبقي معكم شيء منه؟، قلت: نعم، قال: كلو، فهو طعمة أطعمكموها اللَّه"، فأشعر بأنه بقي منها غير العضد. واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام الحافظ (¬2).
والحديث متّفقٌ عليه، وبقية مباحثه تقدمت قبل باب، فراجعها تزدد علمًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2826 - (أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ النَّسَائِيُّ, قَالَ: أَنْبَأَنَا (¬3) مُحَمَّدٌ -وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ- قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ -وَهُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ- عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ, أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ, أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ, قَالَ: - فَأَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ, غَيْرِي, فَاصْطَدْتُ حِمَارَ وَحْشٍ, فَأَطْعَمْتُ أَصْحَابِي مِنْهُ,
¬__________
(¬1) - قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: في هذا التعقّب نظر لا يخفى.
(¬2) - "فتح" 4/ 501.
(¬3) - وفي نسخة: "أخبرنا".

الصفحة 383