كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 24)

أبو عمر: وقد استوفينا هذا المعنى في "كتاب العلم" (¬1). انتهى كلام أبي عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (¬2). وهو بحث نفيس جدًّا إلا ما يأتي من الكلام على الحديث الذي احتج به.
(ومنها): استتار الشخص عند الاغتسال بالثوب عند الاغتسال، وأن الذي كان يستره بالثوب، لا يطّلع منه على ما يتستّر به من مثله، فالسترة واجبة عن القريب والبعيد.
(ومنها): قبول خبر الواحد، وأن قبوله كان مشهورًا عند الصحابة - رضي اللَّه عنهم - (ومنها): السلام على المتطهّر في وضوء، أو غسل، بخلاف الجالس على الحدث. (ومنها): جواز الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة. قاله النوويّ (¬3).
(ومنها): أن فيه الاعتراف للفاضل بفضله، وإنصاف الصحابة بعضهم بعضًا، - رضي اللَّه تعالى عنهم - أجمعين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): حيث ذكر الحافظ أبو عمر في كلامه السابق حديث: "أصحابي كالنجوم" موهمًا أنه حديث ثابت، مع أنه لا يثبت، وقد تَكَلّم فيه هو في غير هذا الكتاب، فلا بدّ من بيان ما قاله العلماء فيه (¬4)، حتى يتبيّن الحقّ، وكذلك ما اشتهر على الألسنة: "اختلاف أمتي رحمة".
أما الأول، فقد رُوي من حديث جابر، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه:
(أما حديث جابر - رضي اللَّه عنه -): فهو: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".
رواه ابن عبد البرّ في "جامع العلم" 2/ 91، وابن حزم في "الأحكام" 6/ 82 من طريق سلام بن سليم، قال: حدثنا الحارث بن غُضَين، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، مرفوعًا به.
وقال ابن عبد البرّ: هذا إسناد لا تقوم به حجة؛ لأن الحارث بن غضين مجهول.
وقال ابن حزم: هذه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، والحارث بن غُضَين هذا هو أبو وهب الثقفي، وسلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة، وهذا منها بلا شك.
قال الشيخ الألباني: الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم- ويقال: ابن سليمان، وهو الطويل- أولى (¬5)، فإنه مجمع على ضعفه، بل قال ابن خراش: كذّاب.
¬__________
(¬1) -أي "كتاب جامع بيان العلم" 2/ 26 - 30.
(¬2) - راجع "الاستذكار" 11/ 15 - 18.
(¬3) - شرح النوويّ 8/ 364 - 365.
(¬4) -لقد أجاد البحث في هذه الأحاديث المحدث الكبير الشيخ الألباني جزاه تعالى خيرًا على ما أفاد في كتابه "السلسلة الضعيفة" 1/ 76 - 85 - من رقم 57 إلى رقم 62 - فاستفد منه.
(¬5) قوله: "أولى" خبر قوله: "الحملُ" وقوله: "ويقال إلى قوله: "الطويل" جملة معترضة.

الصفحة 39