كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 25)

تعالى، وطاعته، فسميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاء، والإفساد عن طريق معظم الدوابّ. وقيل: لخروجها عن حكم الحيوان في تحريم قتله في الحرم والإحرام. وقيل: فيها أقوال أخر ضعيفة، لا نرتضيها انتهى (¬1).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
2835 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ, لاَ جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ, عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ, وَالإِحْرَامِ, الْفَأْرَةُ, وَالْحِدَأَةُ, وَالْغُرَابُ, وَالْعَقْرَبُ, وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه "محمد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرىء"، أبي يحيى المكيّ، ثقة [10] 11/ 11، فإنه من أفراده هو، وابن ماجه. و"سفيان": هو ابن عيينة.
وقوله: "في الحرم، والإحرام" وهكذا في "صحيح مسلم"، وبيّن مسلم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أن لفظ شيخيه الراويين عن سفيان بن عيينة اختلف عليه، فقال أحدهما، وهو ابن أبي عمر: "الْحَرَم" أي بفتح الحاء، والراء، وقال الآخر، وهو زُهير بن حرب: "الْحُرُم" بضم الحاء، والراء، أي في المواضع الحُرُم، جمع حَرَام، كما قال: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، كذا بيّن القاضي في "المشارق" الضبطين، فقال: وفي رواية: "في الْحَرَم، والإحرام" أي في حرم مكة، وجاء في رواية زهير: "في الْحُرُم، والإحرام"، أي في المواضع الْحُرُم، جمع حرام، كما قال: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} انتهى (¬2). والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...

89 - (مَا لَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "ما" اسم موصول: أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ
¬__________
(¬1) -"شرح مسلم" 8/ 353.
(¬2) - "طرح التثريب" 5/ 70 - 71.

الصفحة 16