كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} الآية: [يونس:18]، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} الآية [الزمر: 38]. انتهى كلام القاري (¬1).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأولى حمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بألسنتكم" على الدعوة إلى الدين بإظهار محاسنه، وإقناع خصومه، والدفاع عنه بإظهار حججه، ودحض الشبه الواردة عليه من أعدائه، وأما سبّ الآلهة، فيكون عند الحاجة، كأن يسبّوا الله تعالى، أو النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو القرآن، فيكون من باب المكافأة؛ حذرًا من الدخول في النهي الوارد في الآية السابقة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- 1/ 3097 و 48/ 3193 - و"الكبرى" 44/ 4399. وأخرجه (د) في "الجهاد" 2504 (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" 11837 و 12145 و 13226 و"الدراميّ" في "الجهاد" 2431. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان وجوب الجهاد. (ومنها): أن الجهاد يكون بالمال، وذلك بأن ينفقه في إعداد العُدّة، وتجهيز الجيوش، وباليد، وذلك بأن يقتل الكفّار بنفسه، وبالألسنة، وذلك بالدفاع عن الإسلام، وردّ أباطيل الكفار، وتفنيد آرائهم الفاسدة.
(ومنها): أن ظاهر أحاديث الباب تدلّ على وجوب قتال الكفّار من غير تقدّم دعوتهم، وقد اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاث مذاهب، حكاها المازريّ، والقاضي عياض:
(أحدها): وجوب الإنذار مطلقًا، قاله مالك بن أنس، وغيره، وهو ضعيف.
(الثاني): لا يجب مطلقًا، وهذا أضعف من الأول، بل باطلٌ.
(الثالث): يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحبّ، وهذا هو الصحيح، وبه قال نافع مولى ابن عمر، والحسن البصريّ، والثوريّ، والليث،
¬__________
(¬1) - "المرقاة" 7/ 385 - 386.

الصفحة 100