كتاب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (اسم الجزء: 26)

رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فهو من التابعين انتهى.
قال الحافظ: لا يلزم من عدم السماع عدم الصحبة، والأولى ما قاله فيه البخاريّ: لم ير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقد ذكره ابن عبد البر في "الصحابة"؛ لأنه وُلد في عهد النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قبل عام أحد. وقيل: عام الخندق، وثبت عن مروان أنه قال لما طلب الخلافة، فذكروا له ابن عمر، فقال: ليس ابن عمر بأفقه منّي، ولكنه أسنّ منّي، وكانت له صحبة. فهذا اعتراف منه بعدم صحبته، وإنما لم يسمع من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإن كان سماعه منه ممكنًا؛ لأن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نفى أباه إلى الطائف، فلم يردّه إلا عثمان - صلى اللَّه عليه وسلم - لمّا استُخلف. وقد تقدّمت روايته عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في "كتاب الحجّ" في باب "إشعار الهدي" -62/ 2771 - وتقدّم هناك التنبيه على أن روايته تلك مرسلة، وباللَّه تعالى التوفيق.
(أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وفي رواية قَبيصة بن ذؤيب المذكورة: "كنت أكتب لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وفي رواية خارجة بن زيد، عن أبيه: "إني لقاعد إلى جنب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إذ أوحي إليه، وغشِيَته السكينة، فوضع فخذه على فخذي، قال زيد: فلا واللَّه ما وجدت شيئًا قط أثقل منها". وفي حديث البراء بن عازب - رضي اللَّه تعالى عنهما - عند البخاريّ: "لما نزلت قال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: ادع لي فلانًا، فجاءه، ومعه الدواة، واللوح، والكتف"، وفي رواية أخرى عنه: "دعا زيدًا، فكتبها".
قال الحافظ: فيجمع بينهما بأن المراد بقوله: "نزلت" كادت تنزل؛ لتصريح رواية خارجة بأن نزولها كان بحضرة زيد انتهى (¬1).
(فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكتُومٍ) وفي رواية قبيصة: "فجاء عبد اللَّه ابن أمّ مكتوم"، وعند الترمذيّ، من طريق الثوريّ، وسليمان التيميّ، كلاهما عن أبي إسحاق، عن البراء: " جاء عمرو ابن أم مكتوم"، وقد نبّه الترمذيّ على أنه يقال له: عبد اللَّه، وعمرو، وأن اسم أبيه زائدة، وأم مكتوم أمه انتهى. واسم أمه عاتكة.
وفي "التقريب": عمرو بن زائدة، أو ابن قيس بن زائدة، ويقال: زياد القرشيّ العامريّ الأعمى الصحابيّ المشهور، قديم الإسلام، ويقال: اسمه عبد اللَّه، ويقال: الحصين، كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - استخلفه على المدينة، مات في آخر خلافة عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -. وقد تقدّمت ترجته في "كتاب الأذان" باب-9/ 637 - "المؤذنان للمسجد الواحد" (وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ) من أملّ عليه الكتاب، أي ألقى عليه ليكتب، "يقال: أمللتُ الكتابَ على الكاتب إملالاً: ألقيته عليه، وأمليته عليه -بالياء- إملاءً، والأولى لغة
¬__________
(¬1) - "فتح" 9/ 137 في "تفسير سورة النساء".

الصفحة 112